بين إناء زيد وإناء عمرو ثمّ علم بالنجاسة بين الثوب الملاقي لإناء زيد وبين إناء عمرو ، كان العلم الأوّل مستقلاً حال حدوثه في تنجّز نجاسة إناء عمرو ، إلاّ أن العلم الثاني المردّد بين الثوب وإناء عمرو بعد حدوثه يوجب استناد تنجّز نجاسة إناء عمرو إلى كلا العلمين ، فلا يبقى العلم الأوّل مستقلاً في تنجّز إناء عمرو ، كي لا يكون للعلم الثاني أثر في تنجّز تلك النجاسة في إناء عمرو ، بل يكون تنجّزها فيه مستنداً إلى كلا العلمين.
وهكذا الحال فيما لو كان العلم السابق هو المردّد بين الثوب وإناء عمرو ثمّ حدث العلم المردّد بين الاناءين.
وأجاب في المستمسك عن الإشكال المذكور بما حاصله : هو أنّ تبعية التنجّز للعلم حدوثاً وبقاءً لا تقتضي إلاّ استناد التنجّز إلى العلم الثاني.
ولا يخفى أنّ مقتضى التبعية هو استناد التنجّز إلى كلا العلمين ، لا انفراد الثاني في العلّية ، فإنّ العلم الأوّل إذا فرضنا عدم زواله بحدوث العلم الثاني ، كانا من قبيل اجتماع العلّتين لا استقلال العلم الثاني. ولعلّ مراده من الاستناد إلى العلم الثاني هو أنّ علّية الأوّل غير مانعة من علّية الثاني ، فيجتمع العلّتان ، ولأجل ذلك يكون ما نحن فيه من قبيل ما لو علم بنجاسة إناءين أو إناء ثالث.
ثمّ إنّه فرّق بينهما بأنّ الانحلال ليس بعقلي بل هو عقلائي ، وفي تعبير الأُستاذ العراقي قدسسره (١) أنّه حكمي ، وقد جمع بينهما في المستمسك فقال : بل هو حكمي عقلائي (٢).
وحينئذ يمكن الفرق بين المثال وبين ما نحن فيه ، ففي المثال لا يكون
__________________
(١) لاحظ مقالات الأُصول ٢ : ١٨٨.
(٢) مستمسك العروة الوثقى ١ : ٢٥٨.