لتغربلنّ كما يغربل الزوان من القمح » (١).
والزوان : حبوب صغيرة تختلط بالحنطة وتكون على شكلها ولكنها ليست منها ، فانظر إلى دقة التمثيل وروعته ، فكما تخرج الزوان عن القمح بالغربال فكذلك يخرج ضعفاء الإيمان بقانون التمحيص ، وغربالهم ليس إلاّ الظروف الصعبة التي يمر بها الإنسان في حياته ، وما تحيط بتلك الحياة من مصالح ضيقة وشهوات ومغريات.
وقول الإمام الصادق عليهالسلام : « وسيخرج من الغربال خلق كثير » ليس اعتباطاً إذن ، وإنّما هو يحكي عن حقيقة ثابتة نطق بها القرآن الكريم بذم الكثرة ومدح القلة في كثير من الآيات البينات : ( وكثير منهم فاسقون ) (٢) ( وما آمن معه إلاّ قليل ) (٣).
وكل هذا يشير إلى أن أكثر البشر يتبعون الباطل ، وينحرفون مع الشهوات ، ويندفعون تجاه مصاليهم ، حتى ليكونوا عونا للظالمين ، ويدا لهم ، وفي مقابل هذا تبقى في نتيجة الامتحان والتمييز والتمحيص الطويل ثلة لا يضرها من ناوأها حتى يقاتل آخرها الدجال ؛ لأنهم يمثلون الحق صرفاً الذي لا باطل معه أصلاً.
ونظرة واحدة إلى القرآن الكريم تكشف آن قانون التمحيص الالهي لم
__________________
١ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ٢٠٥ / ٨ من الباب السابق.
٢ ـ سورة الحديد : ٥٧ / ١٦.
٣ ـ سورة هود : ١١ / ٤٠.