ولهذا نجد أول عمل قام به المنصور بعد قتله محمد بن عبد الله أنه استدعى الإمام الصادق عليهالسلام وغلظ عليه الكلام ثم قال : « يا جعفر! قد علمت بفعل محمد بن عبد الله الذي يسمونه النفس الزكية ، وما نزل به ، وإنما انتظر الآن أن يتحرّك منكم أحد فألحق الصغير بالكبير » (١).
إن علم الإمام الصادق عليهالسلام بعد تحقّق الحدّ الأدنى المطلوب من ثورة محمد النفس الزكية قبل إعلانها ، وفشل حركته المحتم ، وما سيلحق ذلك من نتائج سياسية خطيرة على البيت العلوي عموماً ، وعلى الإمام الصادق عليهالسلام خاصة ، كان محفّزاً للإمام عليهالسلام أن يبين ما بينه لقادة الثورة وللمجتمع المدني يومذاك ، لعلّهم يتريثوا إلى حين تهيئة المستلزمات المطلوبة لنجاح الثورة.
ونكتفي بهذا القدر لنعود إلى معالجة القضية الأكبر التي لا زالت عند بعض المتخرّصين مادة للهجوم على الحقيقة المهدوية بحجة وجود أدعيائها الكثيرين في التاريخ الشيعي كما هو الحال في مهدوية محمد بن عبد الله بن الحسن ؛ لنرى كيف عالج إمامنا الصادق عليهالسلام تلك الدعوى وبين زيفها ، فنقول :
عبّر موقف الإمام الصادق عليهالسلام في ردوده على دعوى مهدوية محمد بن عبد الله بن الحسن تعبيراًً رائعاًً عن إمامته هو عليهالسلام أولاًًً ، وعن زيف تلك الدعوى ثانياًًً ، وعلى أكثر من صعيد ، كالآتي :
__________________
١ ـ الفصول المهمّة / ابن الصباغ المالكي : ٢٢٤.