لكي تؤتي ثمارها في القضاء على الظلم والفساد وإفشاء العدل والمساواة بين الناس.
وهذا القدر لابدّ منه لكي لا يُفهم بأن الإمام الصادق عليهالسلام كان يقف ـ وحاشاه من ذلك ـ أمام الرغبة الصادقة في نيل شرف الشهادة بكل غال ونفيس من أجل إعلاء كلمة الله في أرضه ، ومقارعة الباطل بكل قوة وصلابة.
وقد كان أبو جعفر المنصور يعلم هذا جيداً ، ولهذا كان يصف الإمام الصادق عليهالسلام بأنه الشجى المعترض في حلقه (١).
نعم كان يعلم بأن الإمام الصادق عليهالسلام سوف ينهى محمد النفس الزكية من ادعاء المهدوية ، ولكنه لا يمنعه من إقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا ما استطاع إليه سبيلاً.
ولا شكّ أنه يتذكّر كلام الإمام الصادق عليهالسلام يوم كتب المنصور نفسه إليه عليهالسلام قائلاً : « لم لا تغشانا كما يغشانا سائر الناس؟ فأجابه عليهالسلام : ليس لنا ـ من أمر الدنيا ـ ما نخافك من أجله ، ولا عندك من أمر الآخرة ما نرجوك له ، ولا أنت في نعمة فنهنيك بها ، ولا نراها نقمة فنعزّيك بها ، فما نصنع عندك؟ قال فكتب له : تصحبنا لتنصحنا ، فأجابه عليهالسلام : من أراد الدنيا لا ينصحك ، ومن أراد الآخرة لا يصحبك » (٢).
__________________
١ ـ دلائل الإمامة / الطبري : ٢٩٧ ـ ٢٩٨ / ٢٥٣ ( ٨٩ ) ، والخرائج والجرائح / القطب الراوندي ٢ : ٦٤٠ ـ ٦٤١ / ٤٧.
٢ ـ التذكرة الحمدونية / ابن حمدون ١ : ١١٣ ـ ١١٤ / ٢٣٠ ، وعنه الإربلي في كشف الغمّة ٢ : ٣٩٥ ، في مواعظ الإمام الصادق عليهالسلام.