عبد الله في ريعان شبابه! اتّضح ما في الكلام المذكور من خلط وتهافت.
والصحيح هو براءة سائر القواعد الشعبية الشيعية القائلة بإمامة الصادق عليهالسلام من القول بمهدوية محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى ، أيّاً كان مرّوجها وقائلها ؛ أخذاً بما لديهم من أحاديث رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأهل بيته الأطهار عليهمالسلام ، وتمسكاً بما كان يقوله الإمام الصادق عليهالسلام للحسنيين وأنصارهم ، وما كان يحذّرهم به ، وينهاهم لا عن دعوى المهدوية فحسب ، بل عن الخروج على المنصور وهو في أوج قوة دولته ، استبقاءً على مهجهم ، لأنهم عضده وبنو عمومته. ومن هنا كان عليهالسلام غزير الدمعة عليهم في حياتهم وبعد نكبتهم ؛ إذ كان يعلم بما لم يحيطوا به خبرا. وهو ما اعترف به سائر المؤرخين وصرّح به ابن خلدون وغيره فيما تقدم ، من أن الإمام الصادق عليهالسلام كان يحذّر بني عمومته بأشياء تقع لهم في المستقبل ، وكانت تقع على طبق ما أخبر.
إنّ ما يعنينا هنا هو موقف الإمام الصادق عليهالسلام من تلقيب محمد بن عبد الله بن الحسن بالمهدي ، وإشاعة ذلك بنحو أدّى إلى الالتفاف على إيمان الأمة بما بشّر به النبي صلىاللهعليهوآله بالمهدي الموعود المنتظر عليهالسلام ، وأما عن ثورتهم فلا يعنينا أمرها في بحثنا هذا بقدر ما يعنينا التركيز على موقف الإمام الصادق عليهالسلام المؤيّد والمساند لكل الانتفاضات العلوية ضد الحكم الجائر المتمثّل بالسلطتين الأموية والعباسية ، ولكنه في ذا الوقت كان عليهالسلام حريصًا على أن تتهيّأ الأجواء المناسبة لنجاح هذه الانتفاضة أو تلك ؛