ربيعة ، المتروك (١).
هذا .. وقد رأينا كيف سخّر العباسيون جملة من الرعاع لنصرتهم بالإلتفاف على أحاديث الرايات السود التي صحّ الحديث بخروجها من المشرق في آخر الزمان لنصرة الإمام المهدي عليهالسلام وتوطيد سلطانه الشريف ، وهي أحاديث صحيحة رواها الفريقان وصحح الحاكم بعض طرقها على شرط البخاري ومسلم معاً (٢) ، ولهذا حاولوا صرف الأنظار إلى ما يوحي للأمّة بمن تلك الرايا السود ، هي الرايات السود التي أقبل بها داعيتهم أبو مسلم الخراساني من خراسان لإنشاء دولتهم ، ولم يصعب عليهم إيجاد أن يضع لهم الحديث في ذلك. الأمر الذي يكشف لنا عن من اختيار العباسيين لبس السواد ـ كشعار لهم ـ لم يكن جزافاً ، وبلا هدف ، وإنّما جاء منسجماً مع وسائلهم في الوصول إلى السلطة وسبل تثبيتها ، بالغدر والقتل تارةً ، وبالكذب على الله ورسوله صلىاللهعليهوآله تارةً أخرى.
وقد تنبه ابن كثير إلى كذبهم هذا ، فقال معقباً حديث الرايات في سنن الترمذي (٣) : « وهذه الرايات السود ليست هي التي أقبل بها أبو مسلم الخراساني .. بل رايات سود أخر تأتي بصحبة المهدي » (٤).
كما كان للشعراء دور كبير أيضاً في إفشاء مهدوية ( المهدي ) العباسي ،
__________________
١ ـ مجمع الزوائد ٥ : ٢٤٤ قال : « وفيه يزيد بن ربيعة ، وهو متروك ».
٢ ـ مستدرك الحاكم ٤ : ٥٤٧ / ٨٥٣٢ ، والطبعة القديمة ٤ : ٥٠٢.
٣ ـ سنن الترمذي ٤ : ٥٣١ / ٢٢٦٩.
٤ ـ النهاية في الفتن والملاحم / ابن كثير ١ : ٥٥.