وکلّ هذا يکفي لمن شاهد ذلك أو سمع به من الصحابة لأن يعرف من هم أهل البيت عليهالسلام ، وأما ما يقال بأن معرفة الصحابة بأهل البيت كانت مقتصرة على أصحاب الكساء عليهمالسلام ، في حين أشار الحديث إلى استمرار وجودهم مع القرآن ليكونا لأن تمسّك بهما عاصمين من الضلالة إلى يوم القيامة ، وهذا يبرر لهم السؤال عمّن سيأتي بعد أصحاب الكساء عليهمالسلام من أهل البيت لكي تعرف الأمة أسماءهم ولا يشتبه أحد بهم.
والجواب : إن حاجة الصحابة والأجيال اللاحقة فيما بعد ليس أكثر من تشخيص أولهم ليكون المرجع للقيام بمهمَّته بعد النبيِّ صلىاللهعليهوآله حتى يأخذ دوره في عصمة الأُمّة من الضلالة ، وهو بدوره مسؤول عن تعيين من يليه في هذه المهمَّة ، وهكذا حتى يرد آخر عاصم من الضلالة مع القرآن على النبيِّ صلىاللهعليهوآله الحوض.
واذا علمت أنَّ عليَّاً عليهالسلام قد تعيّن بنصوص لاتُحصى ، ومنها : في حديث الثقلين نفسه ، فليس من الضروري اذن أنْ يتولّى النبيِّ صلىاللهعليهوآله بنفسه تعيين من يلي أمر الأُمّة بأسمه في كل عصر وجيل ، أنْ لم نقل إنَّه غير طبيعي لولا أنْ تقتضيه بعض الاعتبارات (١).
فالمقياس إذنْ في معرفة امام كلِ عصر وجيل : إمَّا أن يكون بتعيينهم دفعة واحدة ، أو بنصّ السابق على إمامة الالحق وهو المقاس الطبيعي المألوف الذي دأبت عليه الأنبياء والأوصيّاء عليهمالسلام ، وعرفته البشرية في سياساتها منذ أقدم العصور وإلى يوم الناس هذا.
__________________
١ ـ راجع : الأصول العامة للفقه المقارن / السيد محمد تقي الحكيم : ١٧٥.