الغيبة والغائب ـ بأكثر من مائة عام ؛ ولهذا جاء البحث محصوراً بالغيبة والغائب عند الإمام الصادق عليهالسلام وحده ، فنقول :
عاش الإمام الصادق عليهالسلام في عصرّين مختلفين : عصر ضعف الدولة الأموية حتى آلت إلى السقوط سنة ١٣٢ هـ على أيدي العباسيين ، و عصر انشغال بني العباس في تثبيت أقدامهم بالسلطة. ومعنى هذا ، من الدولة الأموية في عهد الإمام الصادق عليهالسلام ـ الذي تولّى الإمامة بعد وفاة أبيه الإمام الباقر عليهماالسلام سنة ( ١١٤ هـ ) ـ لم تكن قادرة على ممارسة نفس دورها الإرهابي في الحدّ من نشاط أهل البيت عليهمالسلام كما كانت تمارسه في عهود آبائه عليهمالسلام
كما منّ الدولة العباسية لم تعلن ارهابها على الإمام عليهالسلام في بداية حكمها كما أعلنته عليه بعد حين وعلى الأئمة المعصومين من أولاًًده عليهمالسلام فيما بعد ، وصولا إلى دورهم البغيض في غيبة آخر الأئمة الإمام المهدي عليهالسلام
ومن هنا وجد الإمام عليهالسلام الفرصة النسبية سانحة للإنطلاق في أرحب الميادين ، ولهذا نجد اسمه الشريف يتردّد على ألسنة المؤرّخين والمحدّثين والمفسّرين والفلاسفة والمتكلّمين أكثر من سائر الأئمة الآخرين عليهمالسلام ، ولعلّ خير ما يعبرّ لنا عن هذه الحقيقة هو الإمام الصادق عليهالسلام نفسه فيما رواه عنه أوثق تلامذته.
فعن أبان بن تغلب قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : « كان أبي عليهالسلام يفتي في زمن بني أميه من ما قتل البازي والصقر فهو حلال ، وكان يتقيهم ، وأنا لا أتّقيهم ، وهو حرام ما قتل » (١).
__________________
١ ـ فروع الكافي / الكليني ٦ : ٢٠٨ / ٨ كتاب الصيد ، باب صيد البزاة والصقور ،