ونحو هذا ما رواه الحلبي عن أبي عبد الله الصادق عليهالسلام أيضاًً (١) ، ونظيره ما رواه زرارة وأبو عمر الأعجمي عن الإمام الصادق عليهالسلام من المنع عن مسح الخفيّن في الوضوء تقيّة وكذلك في النبيذ ومتعة الحج (٢).
فهذه النصوص وأمثالها تصوّر لنا بوضوح حالة الانفراج السياسي النسبي الذي عاشه الإمام الصادق عليهالسلام في ظلّ الدولتين.
وقد كانت وظيفة الإمام الصادق عليهالسلام صعبة للغاية ، اذ شاهد خطورة الموقف الإسلامي ، وعاصر تلوّث المجتمع المسلم بالمفاهيم الدخيلة الوافدة إليه عن طريق الفلسفات الأجنبية التي تسلّلت رويداّ إلى ساحته عبر القنوات الكثيرة التي شقّتها حروب العصر الأموي ( ٤٠ ـ ١٣٢ هـ ) ، وبدايات العصر العباسي الأول ( ١٣٢ ـ ٢٣٤ هـ ) ، وما نتج عن هذا وذاك من نشوء التيّارات الفكرية الخطيرة ، وانقسام المسلمين إلى مذاهب وفرق عديدة ، مع بروز حركة الزندقة والإلحاد بفعل تلك الرواسب الثقافية المسمومة ، فضلاًً عن استشراء حالة الفساد الإداري والخُلقي في عاصمة الخلافة ـ دمشق أولاًً ، وبغداد ثانياً ـ ومن ثَمَّّ تصدير الانحراف إلى شرائح المجتمع من قصور الخلفاء أنفسهم ، ويشهد على كلّ هذا ما وصل إلينا من أدب البلاطين في ذينك العصرين ، وفي كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني أمثلة لا حصر لها تصوّر لنا حالة البذخ
__________________
والفقيه / الصدوق ٣ : ٢٠٤ / ٩٣٢ ، والتهذيب / الشيخ الطوسي ٩ : ٣٢ / ١٢٩ ، والاستبصار / الشيخ الطوسي ٤ : ٧٢ / ٢٦٥
١ ـ فروع الكافي ٦ : ٢٠٧ / ١ ، من الباب السابق ، والتهذيب ٩ : ٣٢ / ١٣٠ ، والاستبصار ٤ : ٧٢ / ٢٦٦.
٢ ـ فروع الكافي ٣ : ٣٢ / ٢ باب مسح الخفّين من كتاب الطهارة ، و ٢ : ٢١٧ / ٢ باب التقية ، والمحاسن / البرقي : ٢٥٩ / ٣٠٩ ، والخصال / الصدوق ٣٢ : ٧٩.