وبعد وقوع ( ابن تيمية ) في هذا التناقض الصارخ يحاولُ أن يضفي على ( التراويح ) بعضَ المواصفات التي تجعلُ من كيفيتها غيرَ مسبوقة بمثال؛ لكي ينطبقَ عليها المعنى اللغوي المزعوم.
من هنا نراه يقولُ :
|
( فلما كانَ في عهد عمر جمعَهم على قارئ واحد ، وأُسرجَ المسجدُ ، فصارت هذهِ الهيئة ـ وهي اجتماعُهم في المسجد على إمامٍ واحدٍ مَعَ الإسراج ـ عملاً لم يكونوا يعملونَه من قبل ، فسُميَ بِدعةً ، لأنَّه في اللغة يُسمى بذلك ، وان لم يكن بِدعةً شرعية ) (١). |
فهل تعرف أيُّها القارئُ الكريمُ للتحميل والتعسف معنىً غير هذا؟ وهل أنَّ ( ابن تيمية ) يعتقدُ في قرارة نفسه بصحة ما يقولُ؟ وما دخلُ ( الإسراج ) فيما نحنُ فيه؟!!
فالملاحظ انَّ ( ابنَ تيمية ) يضمُّ ( الإسراج ) إلى اجتماعِ المصلين على إمامٍ واحد من أجل أن يجعلَ الأمر المبتدع غيرَ مسبوقٍ بمثال ، لكي يصحَّ بذلك استعمالُ ( البِدعة ) في معناها اللغوي الذي يعني الحادثَ الذي ليس له مثالٌ سابق.
ففائدةُ ضمِّ ( الإسراج ) إذن هي تبريرُ الاستعمال المذكور ، والإيحاءُ بأنَّ هذهِ الهيئة بأجمعها لم تكن موجودةً سابقاً ، فيكون قد احتفظَ لصلاة ( التراويح ) بأصلها الشرعي المزعوم ، وبَرَّرَ استعمالَ ( البِدعة ) لغوياً؛ لكي لا يقعَ الاصطدامُ بين الأمرين.
__________________
(١) ابن تيمية ، اقتضاء الصراط المستقيم ، ص : ٢٧٦ ـ ٢٧٧.