السبب الاول :
إنَّ هذا المعنى إن تمَّ واستقامَ في شيءٍ ، فهو لا يتمُّ في التعامل مع مصطلحات الشريعة الإسلامية ، وخصوصاً مثل مفهوم ( البِدعة ) الذي يُعدُّ من المفاهيم الإسلاميةِ الدقيقةِ والحسّاسة ، التي لا يمكنُ التسامحُ في أمر تناولها ، وتطبيقُها على الموارد المختلفة ، من دون تثبُّتٍ ، ودقةٍ ، واستقصاءٍ ، وخصوصاً من قبل الأشخاص الذين يعتلون المواقعَ الحساسةَ التي تطمحُ إليها الأبصار ، إذ أنَّ أيةَ مسامحة من هذا القبيل ، سوف تعرِّضُ مفاهيمَ الشريعةِ الاصطلاحيةِ إلى التذبذب والارتباك.
السبب الثاني :
إنَّ هذا الأمر الذي ذكره ( الشاطبي ) يمكنُ أنْ يجريَ في إطلاق لفظ ( البِدعة ) على غير موارد الذم والحرمة أيضاً مما لم يكن له وجودٌ في عهد رسولِ اللّهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم بمثل الاعتبار المذكور ، أي أنْ يقالَ بأنَّه ( بِدعة ) باعتبار أنَّه لم يكن موجوداً في عهد رسولِ اللّهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما لو تمَّ إطلاقُ لفظ ( البدعة ) على استعمال ( الهاتف ) أو ( المذياع ) أو ( مكبّرة الصوت ) ، فيقال بأنَّها بدعٌ ، بلحاظ عدم وجودها في زمن النبي الخاتَم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما ادَّعى ( الشاطبي ) ، ويُعتذرُ لذلك بالقول بأنَّه ( لا مشاحةَ في الأسامي ) ، فيرجعُ الأمرُ في النتيجة إلى تقسيم ( البِدعة ) إلى مذمومة وممدوحة ، إذ يمكنُ أن نوجدَ لحاظاً واعتباراً لكل الأُمور الحادثة الممدوحة ، ونبررَ تطبيقَ لفظ ( البِدعة ) عليها على هذا الأساس؛ وهذا ما رفضه ( الشاطبي ) أشدَّ الرفض ، حين أكَّدَ بطلانَ القول بالتقسيم بشكلٍ مطلق.