باباً خاصاً في مصنفاتهم ، وأشبعوها بحثاً وتحليلاً ، وأدخلوها في الكثير من أبواب الفقه المختلفة ، ومسائله المتنوعة.
إنَّ شيوعَ هذه الصلاة في شهر رمضان ، وسعةَ انتشارِ صيتها لدى القاصي والداني من المسلمين ، يجعلُنا في غنىً عن الخوض في تعريفها وبيان معناها بالتفصيل ، ونكتفي هنا بالقول بأنَّها إنما سُميت بصلاة ( التراويح ) ؛ لأنَّ المصلين يستريحون بعدَ كلِّ أربع ركعاتٍ منها ، أي بعدَ كل تسليمتين (١) ، ثمَّ يبادرون للأربع الأخرى ، ثم صارت ( الترويحة ) اسماً لكل أربع ركعات من هذه الصلاة (٢).
و ( التراويح ) مفردها ( ترويحة ) وهي ( الاستراحة ) في اللغة (٣) ، مأخوذة من ( الراحة ) التي تعني زوالَ المشقة والتعب (٤) ، وهي تُطلقُ على ( الجلسة ) مطلقاً ، فأُطلقت على الاستراحة المخصوصة بعد كلِّ تسليمتين من هذه الصلاة ، ثم على كلِّ أربع ركعاتٍ منها كما تقدم.
إنَّ مضمونَ الرواية ينصُّ على أنَّ ( عمر بن الخطاب ) شاهد المصلين يتنفلون بالصلاة ليلاً في المسجد النبوي الشريف تقرباً إلى الله ( جَلَّ وَعَلا ) في زمن خلافته سنة أربع عشرةَ للهجرة ، وكانوا يصلون نوافلهم فرادى كما هو دأبهم من قبل ، وكما تعلّموا ذلك من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكما كانَ أمرُهم عليه في زمن خلافة ( أبي بكر ) ، ولكنَّ ( عمر بن الخطاب ) لم يرقه هذا المشهد ، ولم يعجبه منظرهم متفرقين أشتاتاً؛ فرأى في تلك اللحظة أن يجمعهم على إمامٍ واحدٍ ، ويحولَّ أداءهم للصلاة من أداءٍ فرديٍّ إلى أداءٍ جماعي ، فاختار الصحابي ( أبيَّ بن كعب ) ، وطلب منه أن يؤم
__________________
(١) سعدي أبو حبيب ، القاموس الفقهي لغةً واصطلاحاً ، ص : ٥٥.
وانظر : الزبيدي ، تاج العروس ، ج : ٢ ، ص : ١٥١.
(٢) السيد سابق ، فقه السنة ، ج : ١ ، ص : ٢٠٥.
(٣) قلعجي ، د. محمد وقنيبي ، د. حامد ، معجم لغة الفقهاء ، ص : ١٢٧.
وانظر : ابن منظور ، لسان العرب ، ج : ٢ ، ص : ٤٦٢.
(٤) ابن منظور ، لسان العرب ، ج : ٢ ، مادة : روح.