ومما تجدر الإشارة إليه أنَّ كلاً من ( مسلم ) و ( البخاري ) في صحيحيهما لم يرويا حديث ( سُنَّة الخلفاء الراشدين ) على نحو الخصوص ، ولعله عائدٌ إلى حال رواة الحديث المطعون بهم علناً في كتب الرجال كافةً.
________________________
إبراهيم بن مرّة وقرة وغيرهما ، فما يحملكَ على هذا؟ قالَ : أُنبِّل الأوزاعي أن يروي عن مثل هؤلاء ، قلتُ : فإذا روى الأوزاعي عن هؤلاء ، وهؤلاء ضعفاء ، أحاديث مناكير ، فأسقطتهم أنتَ ، وصيرتها من رواية الأوزاعي عن الثقات ، ضَعُفَ الأوزاعي. فلم يلتفت إلى قولي ) : ابن حجر العسقلاني ، تهذيب التهذيب ، ج : ١١ ، ص : ١٥٤ ، وتهذيب الكمال للمزي ، ج : ٣١ ، ص : ٩٧ ،
وفي هامش كتاب ( سير أعلام النبلاء ) قالَ المحقّق معلّقاً على هذا الحديث : ( وهذا النوع من التدليس يسمى عند المتقدمين تجويداً ، فيقولُونَ : جوَّده فلان ، يريدونُ ذكر فيه من الأجواد ، وحذفَ الأدنياء ، وسمّاه المتأخرون : تدليس التسوية ، وذلكَ انَّ المدلِّس الذي سمع الحديث من شيخه الثقة عن ضعيف عن ثقة ، يسقط الضعيف من السند ، ويجعل الحديث عن شيخه الثقة ، عن الثقة الثاني بلفظ محتمل ، فيستوي الإسناد كلّه ثقات ، وهو شرُّ أنواع التدليس وأفحشها؛ لانَّ الثقة الأول ربَّما لا يكون معروفاً بالتدليس ، فلا يحترز الواقف على السُنَّة عن عنعنةٍ وأمثالها من الألفاظ المحتملة التي لا يُقبل مثلها من المدلّسين ، ويكون هذا المدلِّس الذي يحترز من تدليسه قد أتى بلفظ السماع الصريح عن شيخه ، فأمنَ بذلكَ من تدليسه ، وفي ذلكَ غرر شديد ) : شمس الدين الذهبي ، سير أعلام النبلاء ، بتحقيق : كامل الخرّاط ، ج : ٩ ، ص : ٢١٦ ( الهامش ).
وقالَ ( الآجري ) : ( سمعتُ أبا داود يقولُ : روى الوليد عن مالك عشرة أحاديث ليس لها أصل ، منها عن نافع أربعة ) : جمال الدين المزي تهذيب الكمال بتحقيق الدكتور بشار عواد معروف ، ج : ٣١ ، ص : ٩٩ ، ( الهامش ) عن سؤالاته : ٥ الورقة ١٥ ، وعن ميزان الاعتدال للذهبي ، ج : ٤ ، ص : ٣٤٧.
وقالَ ( أبو داود ) : ( كل منكر يجيء عن الوليد بن مسلم ، إذا حدَّث عن الغرباء يخطئ ) : جمال الدين المزي ، تهذيب الكمال ، ج : ٣١ ، ص : ٩٩ ( الهامش ).
وقالَ : ( بقية أحسن حالاً من الوليد بن مسلم ) : جمال الدين المزي ، تهذيب الكمال ، ج : ٣١ ، ص : ٩٩ ( الهامش ). وسيأتي الكلام عن ( بقية ) الذي هو أحسن حالاً من ( الوليد ) لاحقاً إن شاءَ اللّه تعالى ، ويثبت أنَّه ضعيف أيضاً ، فكيف بالذي أضعف منه؟
وقالَ ( الذهبي ) في ( سير أعلام النبلاء ) : ( قلتُ : البخاري ومسلم قد احتجّا به ، لكنهما ينتقيان حديثَه ، ويتجنبان ما يُنكر له ) : شمس الدين الذهبي ، سير أعلام النبلاء ، ج : ٩ ، ص : ٢١٦ ، وتهذيب الكمال للمزي ، ج : ٣١ ، ص : ٩٩ ( الهامش ).