فكيف يمكن للنبي الخاتَم صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي أُؤتمنَ على أوسعِ الشرايع السماوية وأكثرها شموليةً ، أنْ يخرجَ عن السير على ضوء هذهِ القاعدةِ العقلائية المسلَّمة ، ويتعاملَ مَعَ أمر الاستخلاف بهذه الطريقة المزعومة ، ومن خلال حديثٍ متناقضٍ في مضمونه ، ومجمل في دلالته ، ويتيم في مؤداه؟!!
إنَّ مَن يستعرضُ مفردات الشريعة الإسلامية وتعاليمها ، يجدُ أنَّها تعطي القضايا التي تلي أمرَ الخلافةِ في الأهمية الشيءَ الكثيرَ من التركيز ، وتغطّيه بالعددِ الغفير من الأحاديث ، كيفَ وأمرُ الخلافةِ والولاية هو الدعامة الأُولى للدين ، والأساسُ الرئيسي الذي تُشادُ عليه بقية التعاليم (١)؟
فكيفَ يمكنُ لهذا البناء الفكري الذي يقرُّ بعدم وجود النصِّ في أمر الخلافةِ ، والذي آمنَ به أبناءُ مدرسة الخلفاء لمئات السنين ، واختطّوا نهجَه ، وتسالموا على تعاطيه ، خلالَ الحقبِ الزمنية المتمادية ... كيفَ يمكنُ لهذا البناء أنْ يتعامل مع هذه الرواية الهزيلةِ التي عليها ما عليها من الإشكالات والإيرادات؟
وكيفَ يمكنُ أنْ يُستظهرَ منها الأمرُ بوجوب اتباع سُنَّه ( الخلفاءِ الأربعة ) مجتمعين على ما زعموا ، في مقابل الحشدِ الكبير ، والسيلِ المتدفق من الآياتِ الكريمة والأحاديثِ النبوية المتواترةِ منها والمستفيضة ، التي دلَّت على إيكال أمرِ الخلافةِ
__________________
(١) يقولُ الامام الباقر عليهالسلام على ما رواه ( زرارةُ ) عنه : ( بُنيَ الإسلامُ على خمسة أشياء : على الصلاة ، والزكاة ، والحج ، والصوم ، والولاية ، قالَ زرارةُ : وأيُّ شيءٍ من ذلكَ أفضل؟ فقالَ عَليهِ السلامُ : الولايةُ أفضل؛ لأنَّها مفتاحُهنَّ ، والوالي هو الدليلُ عليهنَّ ) : محمد بن يعقوب الكليني ، الأصول من الكافي ، ج : ٢ ، باب : دعائم الإسلام ، ح : ٥ ، ص : ١٨.
ويقولُ عليهالسلام : ( بُنيَ الإسلامُ على خمسٍ ، على الصلاة ، والزكاة ، والصوم ، والحج ، والولاية ، ولم ينادَ بشيءٍ كما نُودي بالولاية ) : محمد بن يعقوب الكليني ، الأصول من الكافي ، ج : ٢ ، باب : دعائم الإسلام ، ح : ١ ، ص : ١٨.