ثم ما أدرانا أنَّ الدعاء إلى الصلاة ، والتشدد في حفظ القرآن الكريم ، يتوقف على الالتزام بمثل هذا العمل ، وإضفاء صفة الشرعية عليه؟ ولو كان الأمر كذلك فلماذا لم يكن أصل الائتمام بالنافلة مشروعاً ومندوباً؟ ولماذا هذا التخصيص بنافلة شهر رمضان دون بقية النوافل الأخرى؟ أليس في بقية النوافل دعاء إلى الصلاة ، وتشدد في حفظ القرآن الكريم؟؟!
يقول اللّه ( جَلَّ وَعَلا ) :
|
( وَما كانَ لِمُؤمِنٍ ولا مُؤمِنَةٍ إذا قَضَى اللّهُ وَرسُولُه أَمراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الِخيَرةُ مِن أَمرِهِم وَمَن يَعصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَقَد ضَلَّ ضَلالاً مُّبِيناً ) (١). |
وقال رسول اللّه ( صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسِلَّمَ ) في الحديث المتفق عليه :
|
( من أحدثَ في أمرنا هذا ما ليسَ منه فهو ردٌّ ) (٢). |
إنَّ هذا الاستدلال لا يعدو أن يكون محاولة يائسة ، وخارقة لجميع الأسس التي اتفق عليها المسلمون بمختلف المذاهب والمشارب.
يقول الدكتور ( يوسف القرضاوي ) بشأن التوقيف في العبادات :
|
( قال شيخ الإسلام ابن تيمية : إنَّ تصرفات العباد من الأقوال والأفعال نوعان : عبادات يصلح بها دينهم ، وعادات يحتاجون إليها في دنياهم ، فباستقراء أصول الشريعة نعلم أنَّ العبادات التي أوجبها اللّه ، أو أحبَّها ، لا يثبت الأمر بها إلا بالشرع ، وأما العادات فهي ما اعتاده الناس في دنياهم مما يحتاجون إليه ، والأصل فيه عدم الحظر ، فلا الحظر منه إلا ما حظره اللّه سبحانه وتعالى؛ وذلكَ لأنَّ الأمر والنهي هما شرع اللّه ، والعبادة |
__________________
(١) الأحزاب / ٣٦.
(٢) المتقي الهندي ، علاء الدين ، كنز العمال ، ج : ١ ، ح : ١١٠١ ، ص : ٢١٩.