واتفقَ المسلمونِ جميعاً على عددِ ركعاتِ الصلاةِ المفروضة ، وجوهرِها ، واختلفوا قليلاً في كيفيتِها ، كما اختلفوا قليلاً في الصلواتِ الأخرى ، بعدَ الاتفاقِ فيها على الروحِ ، والمضمونِ ، والحقيقة.
ومما لا يختلفُ عليه اثنانِ من المسلمين أنَّ صلاةَ رسولِ الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قد جاءَت على النحوِ الأكملِ والأتم الذي أمرَ اللهُ تعالى عبادَه به ، فهيَ قرّةُ عينِه ، ومعراجُ روحِه ، وراحلةُ سلوكِه نحوَ الحقِّ ( جَلَّ وعَلا ) ، وهيَ صلاةٌ واحدةٌ ، لا تعددَ في واقعها ، ولا اختلاف في حقيقتِها.
ويدورُ الخلافُ فقهياً بين المسلمينَ بمختلفِ مذاهبهم في إطار التفاصيلِ والكيفيات التي تشتملُ عليها الصلاة ، كعدد التسبيحات ، ومقدارِ الذكرِ ، وطريقة التشهد والتسليم ، بما لا يفسد للودٍّ قضيةً ، ومن بابِ الاجتهادِ المشروع ، بعد الاتفاقِ على حدودِها الرئيسيةِ العامة ، وخطوطِها العريضة ، فالسعيدُ من حظيَ بالطريقِ الآمنِ الذي يوصلُه إلى معرفةِ صلاةِ النبي الخاتَم صلىاللهعليهوآلهوسلم بكيفيتِها الواقعية؛ لكي يكونَ له في رسولِ اللهِ أسوةٌ حسنةٌ ، وتكونَ صلاتُه محاكيةً لصلاتِه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويكونَ متبعاً لسنتِه وهَديِه ، فتُؤتي بذلك صلاتُه ثمارَها ، وتشعُّ على حياتِه بركاتُها وآثارُها ، وتكفلُ له العروجَ السليمَ نحوَ السعادةِ الخالدة ، والكمالِ الإنساني.
وطبقاً لقاعدةِ : ( إنَّ أهلَ البيتِ أدرى بما فيه ) ، ولأنَّ العترةَ الطاهرةَ عليهمالسلام هم قرناءُ الكتابِ الكريم ، ولأنَّهما لن يفترقا حتى يردا الحوضَ ، بنصِّ ( حديثِ الثقلين ) ، المروي عن طريقِ أكثر من بضعة وثلاثينَ صحابياً وصحابيَّةً ، فقد كانَ التمسُّكُ بحبلهِم ، والركوبُ في سفينتِهم ، هو الطريقَ الأمثلَ لمحاكاةِ صلاةِ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ورجاءِ موافقةِ الأمرِ الواقع في تطبيقِها ، وكانَ هذا هو المنهج الذي اختارَهُ أتباعُ مدرسةِ أهلِ البيت عليهمالسلام ، وساروا على هَديِه.