فانظر أيُّها القارئُ أينَ يؤدي الابتعادُ عن الشرع المبين ، وإلى أيِّ طريقٍ يوصل!! فهل يمكنُ للشريعة الاسلامية أنْ تقعَ في مثل هذا التضارب والتهاتر؟ وهل يمكنُ أنْ تضطربَ تعاليمُها إلى هذا المستوى الغريب من التشويش؟!
إنَّ الإسلام لأسمى من أن تَعلُقَ به هذهِ الترهاتُ والأقاويلُ ، وأقدسُ من أن تُنسبَ إليه مثلُ هذهِ السفاسف والأباطيل.
وذهبَ ( الألباني ) إلى تغليط كل هذه الأقوال ، ماعدا قولاً واحداً ارتضاه ، وهو القيام بـ ( التراويح ) بإحدى عشرةَ ركعةً ، حيثُ يقولُ حولَ مَن يصلي أكثرَ من ذلك :
|
( وما مثل من يفعلُ ذلك إلا كمن يصلّي صلاةً يخالفُ بها صلاةَ النبي ، كمن يصلّي مثلاً سُنَّةَ الظهر خمساً ، وسُنَّةَ الفجر أربعاً ، وكمن يصلّي بركوعينِ وسجدات ، وفسادُ هذا لا يخفى على عاقل ) (١). |
وعلاوة على هذا التضارب في عدد ركعات ( التراويح ) نجدُ اختلافاً مشابهاً فيما يُقرأُ فيها من القرآن ، وكمية ذلك؛ حتى كانَ الأئمةُ يشقون فيها على المأمومين إلى الدرجة التي تُلجئهم للاعتماد على العصا من طول القيام ، فقد جاءَ في ( عون المعبود ) ذاكراً قيامَ المصلين في نوافل شهر رمضان في زمن ( عمر بن الخطّاب ) :
|
( كانَ القارئُ يقرأُ بالمائتين ، حتى كنّا نعتمدُ على العصا من طولِ القيام ، فما كنّا ننصرفُ إلاّ في بزوغِ الفجر ) (٢). |
ولم نعهد مثلَ هذه المشقة البالغة في صلوات رسولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل على العكس من ذلك كانَ يوصي بتخفيف الصلوات ، وعدمِ الإطالة فيها ، مراعاةً لأضعفِ الناس ، ورحمةً بهم.
__________________
(١) الألباني ، محمد ناصر الدين ، تمام المنّة في التعليق على فقه السنة ، ص : ٢٥٣.
(٢) العظيم آبادي ، محمد شمس الحق ، عون المعبود شرح سنن أبي داود ، ج : ٣ ، ص : ١٥٩.
وانظر : البيهقي ، فضائل الأوقات ، ص : ٢٧٦ ، ومحمد ناصر الألباني ، تمام المنّة ، ص : ٢٥٢.