قولَ اللهِ تعالى : ( أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها ). قولَه : ( وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ ) [ ٣٥ / ١١ ] التقدير في أحد التأويلين ما يطول في عمر واحد ولا يُنْقَصُ من عمر آخر غير الأول ، والتأويل الثاني في الآية عود الكناية إلى الأول ، أي ولا يُنْقَصُ من عمر ذلك الشخص بتوالي الليل والنهار ، ويتم الكلام في قولهم « له درهم ونصف ». وهو في نصف. قوله : ( قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ ) [ ٥٠ / ٤ ] الآية هو رد لاستبعادهم الرجوع أي علمنا ما تأكل الأرض من لحومهم وتبليه من عظامهم فلا يتعذر علينا رجعهم وإحياؤهم.
وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ كَثِيرٍ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَامَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْماً أَكْثَرَ مِمَّا صَامَ ثَلَاثِينَ؟ فَقَالَ : « كَذَبُوا مَا صَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله إِلَى أَنْ قُبِضَ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِينَ يَوْماً ، وَلَا نَقَصَ شَهْرُ رَمَضَانَ مُنْذُ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْ ثَلَاثِينَ يَوْماً وَلَيْلَةً » (١).
وقد روي خلاف ذلك في كثير من الأخبار ، ومن ثم اختلف أقوال الفقهاء فمنهم من جوز النَّقْصَ ومنهم من لم يُجَوِّزْ وممن ذهب إلى عدم الجواز على ما هو المحكي عن الشيخ المفيد في كتاب لمح البرهان الشيخ الشريف الزكي أبو محمد الحسني والشيخ الثقة أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه والشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه والشيخ أبو عبد الله الحسين بن علي بن الحسين والشيخ أبو محمد هارون بن موسى ـ انتهى. قال الشيخ الصدوق في كتاب الخصال بعد أن أورد أحاديث في أن شهر رمضان لا يُنْقَصُ عن ثلاثين يوما : قال مصنف هذا الكتاب : خواص الشيعة وأهل الاستبصار منهم في شهر رمضان أنه لا يُنْقَصُ عن ثلاثين يوما أبدا ، والأخبار
__________________
(١) الإستبصار ج ٢ ص ٦٥.