في ذلك موافقة للكتاب ومخالفة للعامة ، فمن ذهب من ضعفة الشيعة إلى الأخبار التي وردت للتقية في أنه يُنْقَصُ ويصيبه ما يصيبه الشهور من النُّقْصَانِ والتمام اتقى كما تتقي العامة ـ انتهى كلامه. وهو قوي متين ، على أنه يمكن الجمع بين الأخبار بوجه آخر هو أن يقال : الأخبار الواردة بأنه لا يُنْقَصُ مبنية على الأصل ، وما ورد فيه من النَّقْصَانِ مبني على الظاهر لإمكان حصول الاستتار فيه عقوبة للمخالفين وارتفاع جانب اللطف عنهم ، كما صرح بذلك الصدوق في الفقيه من أن الهلال قد يستتر عن الناس عقوبة لهم في عيد شهر رمضان وفي عيد الأضحى واستشهد عليه بما رواه عن رزين قال :
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام « لَمَّا ضُرِبَ الْحُسَيْنُ عليه السلام بِالسَّيْفِ وَسَقَطَ ثُمَّ ابْتُدِرَ لِيُقْطَعَ رَأْسُهُ نَادَى مُنَادٍ مِنْ بُطْنَانِ الْعَرْشِ : أَلَا أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ الْمُتَحَيِّرَةُ الضَّالَّةُ بَعْدَ نَبِيِّهَا لَا وَفَّقَكُمُ اللهُ لِأَضْحًى وَلَا فِطْرٍ ». قَالَ : وَفِي خَبَرٍ آخَرَ « لَا لِصَوْمٍ وَلَا فِطْرٍ ». قَالَ : ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام حَتَّى يَثُورَ ثَائِرُ الْحُسَيْنِ عليه السلام » ـ انتهى. « فلا جرم والله ما وفقوا ولا يوفقون وهو واضح في الدلالة على ما قلناه.
وَفِي خَبَرِ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرَةِ قَالَ : » أَيَنْقُصُ إِذَا جَفَّ؟ قَالَ : نَعَمْ ».
لفظه استفهام ومعناه تنبيه وتقرير لكنه بين الحكم وعلته ليكون معتبرا في نظائره. قال في النهاية : وإلا فلا يجوز أن يخفى مثله على النبي صلى الله عليه وآله مثل قوله ( أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ ). والنَّقْصُ والنَّقِيصَةُ : العيب. وفلان يَنْتَقِصُ فلانا : أي يقع فيه ويعيبه. وانْتَقَصَ الشيء : نَقَصَ. ونَقَصَ الشيء يَنْقُصُ ـ من باب قتل نَقْصاً ونُقْصَاناً ، والْمَنْقَصَةُ النَّقْصُ.
وَفِي حَدِيثِ النِّسَاءِ « نَوَاقِصُ الْإِيمَانِ وَنَوَاقِصُ الْحُظُوظِ وَنَوَاقِصُ الْعُقُولِ ».
ثم فسرها
بِقَوْلِهِ : « أَمَّا نُقْصَانُ إِيمَانِهِنَّ فَقُعُودُهُنَّ عَنِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ وَأَمَّا نُقْصَانُ عُقُولِهِنَّ فَشَهَادَةُ الْمَرْأَتَيْنِ مِنْهُنَّ كَشَهَادَةِ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ ، وَأَمَّا نُقْصَانُ