مجرد حِفْظِ الحديث ، وأن معناه غير شرط في حصول الثواب ، فإن حفظ الحديث كحفظ ألفاظ القرآن ، وقد دعا صلى الله عليه وآله لناقل الحديث وإن لم يكن عالما بمعناه في
قَوْلِهِ صلى الله عليه وآله « رَحِمَ اللهُ امرأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا فَأَدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى أَفْقَهَ مِنْهُ ».
وهل يصدق على من حفظ حديثا واحدا يتضمن أربعين حديثا كل يستقل بمعناه أنه حفظ الأربعين؟ احتمالان ، والقول به غير بعيد (١) ويتم الكلام في بقية الحديث في محله إن شاء الله تعالى. والحِفْظُ : ضد النسيان ، واحْتَفَظْتُهُ وحَفِظْتُهُ بمعنى ومنه قَوْلُهُ عليه السلام « احْتَفِظُوا بِكُتُبِكُمْ ».
والتَّحَفُّظُ : التيقظ والتحرز وقلة الغفلة. ومنه قَوْلُهُ عليه السلام « إِنْ أُسْعِدَ الْقَلْبُ بِالرِّضَا نَسِيَ التَّحَفُّظَ ».
يعني في الأمور. والحَفِيظَةُ : الغضب والحمية. ومنه الْحَدِيثُ « مِنْ دَعَائِمِ النِّفَاقِ الْحَفَظَةُ ».
وَفِي الدُّعَاءِ « اللهُمَّ صَلِّ عَلَى الْمُسْتَحْفَظِينَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله ».
قرئت بوجهين : بالبناء للفاعل والمعنى اسْتُحْفِظُوا الأمانة أي حفظوها ، والبناء للمفعول والمعنى استحفظهم الله إياها ، والمراد بهم الأئمة من اهل البيت عليهم السلام لأنهم حفظوا الدين والشريعة.
وَرُوِيَ « أَنَّهُمْ سُمَّوْا مُسْتَحْفِظِينَ لِأَنَّهُمْ اسْتُحْفِظُوا الِاسْمَ الْأَكْبَرَ ».
وهو الكتاب الذي يعلم به علم كل شيء الذي كان مع الأنبياء الذي قال تعالى : ( رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ ) و ( أَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ ) فالكتاب الاسم الأكبر.
__________________
(١) هذا الكلام بطوله مع بسط أكثر مذكور في سفينة البحار ج ١ ص ٢٨٦ فراجعه.