عليه اليوم إلا سورة براءة فإنها نزلت آخرا فلم يبين موضعها فألحقوها بالأنفال للمناسبة ، وقد ثبت أن أربعة من الصحابة كانوا يجمعون القرآن وشركهم فيه آخرون. و ( أما أبو بكر ) فإنما جمعه في الصحف وحوله إلى ما بين الدفتين ، وقيل جمعه في الصحف وكان قبله في نحو الأكتاف ولعله صلى الله عليه وآله ترك جمعه في المصحف لئلا تسير به الركبان إلى البلدان فيشكل طرح ما نسخ منه فيؤدي إلى خلل عظيم. و ( أما عثمان ) فجرد اللغة القريشية من الصحف وجمع عليها ، وكانت مشتملة على جميع أحرفه ووجوهه التي نزل بها على لغة قريش وغيرهم ، أو كان صحفا فجعلها مصحفا واحدا. هذا كلامه.
وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أَنَّهُ قَالَ : « مَا ادَّعَى أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَنَّهُ جَمَعَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ كَمَا أَنْزَلَهُ اللهِ إِلَّا كَذَبَ وَمَا جَمَعَهُ كَمَا أَنْزَلَهُ اللهِ إِلَّا عَلِيُّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَالْأَئِمَّةِ مِنْ بَعْدِهِ » (١).
وفيه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله أَنَّهُ قَالَ لِعَلِيٍ « يَا عَلِيُّ الْقُرْآنُ خَلْفَ فِرَاشِي فِي الصُّحُفِ وَالْحَرِيرِ وَالْقَرَاطِيسِ فَخُذُوهُ وَاجْمَعُوهُ وَلَا تُضَيِّعُوهُ كَمَا ضَيَّعَتِ الْيَهُودُ التَّوْرَاةَ ، فَانْطَلَقَ عَلِيٌّ عليه السلام وَجَمَعَهُ فِي ثَوْبٍ أَصْفَرَ ثُمَّ خَتَمَ عَلَيْهِ فِي بَيْتِهِ وَقَالَ : لَا أَرْتَدِي حَتَّى أَجْمَعُهُ ، وَإِنَّهُ كَانَ الرَّجُلِ لِيَأْتِيَهُ فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ بِغَيْرِ رِدَاءٍ حَتَّى جَمَعَهُ وَأَخْرَجَهُ إِلَى النَّاسِ ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ وَكَتَبَهُ قَالَ لَهُمْ : هَذَا كِتَابُ اللهِ كَمَا أَنْزَلَهُ اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ جَمَعْتُهُ مِنَ اللَّوْحَيْنِ. فَقَالُوا : هَذَا عِنْدَنَا مُصْحَفٌ جَامِعٌ فِيهِ الْقُرْآنُ لَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِ. فَقَالَ : أَمَا وَاللهِ لَنْ تَرَوْهُ بَعْدَ يَوْمِكُمْ هَذَا ، إِنَّمَا كَانَ عَلَيَّ أَنْ أُخْبِرَكُمْ كَيْفَ جَمَعْتُ الْقُرْآنَ ».
وفِي نَقْلٍ آخَرَ « أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام جَمَعَ الْقُرْآنَ فِي الْمَدِينَةِ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله بِمَدَّةٍ قَدْرُهَا سَبْعَةُ أَيَّامٍ بَعْدَ وَفَاتِهِ ».
وَفِي الْخَبَرِ « أَنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يَجْمَعُ
__________________
(١) الْبُرْهَانِ ج ١ ص ١٥.