منذ بداية أمرهم ، وكانت لهم مناصب كبيرة ومكانة هامة لديهم حتّى إنّ « البرامكة » لم يكونوا منقطعين عن رجال الشيعة وعلمائهم ، فإنّ « هشام بن الحكم » العالم الشّيعي كان ملازما ليحيى بن خالد البرمكي كما مرّ معنا. (١)
ومن خلال مطالعة التّاريخ والأحاديث المرويّة عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام وغيرها نعرف بأنه قد كان هناك رجالات شيعيّة كانت تحتلّ مناصب مهمة في العاصمة وسائر البلاد. ويتضح هذا أكثر ونحن نرى أنّ الخلفاء كانوا ينزلون على رأي زعماء الشيعة في تكفير وطرد أشخاص من أمثال « ابن أبي العزاقر » (٢) و « الحسين بن منصور الحلّاج » (٣) حيث أجروا عليهم أحكام الإعدام جريا على العمل بفتاويهم. فهذا دليل على أنّ الطائفة الإماميّة في القرن الرابع الهجري كانت معترفا بها بشكل رسميّ لدى البلاط العبّاسيّ. وكان لرأي علمائهم أكبر الأثر فيه. مع الاعتراف بذلك كلّه لا ينبغي إنكار حقيقة أنّ مكانة الشيعة وموقعهم السّياسيّ والاجتماعي في بغداد وفي العراق وإيران بصورة عامة قد بلغ قمته في عصر « الدّيالمة » فهذه الأسرة الّتي نشأت من أصل فارسيّ وكانت تدين بالولاء لأهل البيت قد حكمت البلاد حتى بغداد مركز الخلافة العباسيّة لمدّة مائة وثلاثة عشر عاما ـ أى من سنة ٣٣٤ ـ إلى ٤٤٧ ه ـ وكانت أزمّة الأمور كلّها بيدهم ، فلم يبق للخليفة سوى الاسم ورسوم الخلافة الظاهرية. وأعظم ملوك الدّيالمة هو عضد الدّولة البويهي الّذي أخضع بغداد في سنة ٣٦٧ وضمّها إلى ملكه ، وبقي على
__________________
١٨٢ ه ـ في بغداد بعد أن عاش ٥٧ سنة ، وكان الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليهالسلام محبوسا حين ذاك. وصلى عليه وليّ العهد محمّد بن الرشيد. وقد توفّي والده يقطين بعده عام ١٨٥ ه. كان علي هذا وذرّيته من المؤلفين للكتب ، ومن رواة حديث آل البيت عليهمالسلام فلاحظ فهرست الطوسي ص ١١٧ ورجال النّجاشي ص ٢٠٦ وغيرهما من المصادر.
(١) فلاحظ الهامش رقم ١٨.
(٢) هو أبو جعفر محمد بن علي الشلمغاني ادعى النيابة الخاصة عن المهدي عليهالسلام ، بل الألوهيّة والحلول. وحينما أعلن الشيخ الحسين بن روح وكيل النّاحية المقدسة فساد عقيدته ، أخذه الخليفة وأجرى عليه حكم الإعدام بفتوى من القضاة في شهر ذي القعدة عام ٣٢٢ ه ، وفيات الأعيان ج ١ ص ٤١٨.
(٣) هو أبو معتب الحسين بن المنصور البيضاوي المعروف ب « الحلّاج » له دعاوي باطلة ومقالات مشهورة ، كان يعدّ نفسه أحد الأبواب للنّاحية المقدسة في الغيبة الصغرى ، وصدر توقيع من النّاحية المقدسة في تكذيبه. وقد ذمّه علماء الشيعة المعاصرون له أو المتأخرون عنه لكن بعضا آخر منهم أمثال نصير الدين الطوسي ، والشيخ بهاء الدين العاملي والقاضي نور الله التّستري قد دافعوا عنه ، وأوّلوا كلماته الظاهرة في الكفر وعلى كلّ حال فهناك خلاف بين العلماء في شأنه لاحظ روضات الجنات ص ٢٢٥.