وفيها تهديد بالعقاب والزجر ، وكلّ واحد منها (١) في موضعه لأنّا لا نقطع على سقوط العقاب على كلّ حال من غير توبة وإنّما نجوزه فلا يكون في ذلك أمان من العقاب فيكون تجرئة على المعاصي ولا قطعا على العقاب فيكون يأسا من رحمة الله تعالى.
مسألة : عما ورد عن الصادق عليهالسلام من الاخبار ممّا يلائم مذهب المعتزلة في التحابط بين الطاعات والمعاصي فما هو مذهب العصابة.
فمن ذلك ما روى عنه عليهالسلام في تفسير قوله تعالى ( وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً ) (٢) فقال : « أما والله لقد كانوا يصلّون أما والله لقد كانوا يصومون ولكن كانوا إذا عرض عليهم الحرام أخذوه » (٣).
وقوله عليهالسلام في خبر آخر : « إذا كان يوم القيامة يقدم قوم على الله فلا يجدون لهم حسنات ، فيقولون : إلهنا وسيّدنا ما فعلت حسناتنا؟ فيقول تعالى : أكلتها الغيبة ، إنّ الغيبة تأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب. » (٤)
ما الكلام في ذلك؟ تفسره لنقف عليه.
الجواب : هذه أخبار آحاد لا تردّ لها أدلّة العقول الدالة على بطلان التحابط.
ولو صحّت لتأولناها كما نتأول ظاهر القرآن لتلاؤم أدلّة العقل فيكون قوله : ( فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً ) معناه حكمهم بذلك لأنّهم أوقعوها على خلاف الوجه المأمور به فلم يستحقّوا عليها ثوابا ، لا انه حصل الثواب ثم زال ، ويكون قوله « لقد كانوا يصومون ويصلون » محمولا على انهم كانوا يفعلون ذلك على خلاف الوجه المأمور كما يفعله رهبان النصارى وعبّاد اليهود فلا ينفعهم مع فعلهم ما حرّم الله عليهم من تكذيب النبي صلىاللهعليهوآله لأنّه إذا كان ذلك كفرا دلّ على [ انّ ]
__________________
(١) كذا
(٢) سورة الفرقان ، الآية : ٢٣.
(٣) نور الثقلين ٤ ـ ٩ رواه عن تفسير على ابن إبراهيم عن الباقر عليهالسلام.
(٤) مستدرك الوسائل ٢ ـ ١٠٧ نقلا عن الشيخ المفيد في الروضة وفيه « الحلفاء » مكان « الحطب ».