ما فعلوه لم يكن واقعا على وجه القربة.
والخبر الأخر قوله. « أكلت الغيبة حسناتكم » .. المعنى فيه أنّه إذا فعل إنسان طاعة وذكر أن غيره ليس يفعل ذلك صار بذلك مغتابا له وموقعا لفعله على وجه الرياء فلذلك لم يستحقّ عليها الثواب لا ان الثواب كان حاصلا فأزالته الغيبة.
مسألة : عن نطق الجوارح يوم القيامة. أهو على الحقيقة أو المجاز؟ فإن كان ذلك مجازا فعن أيّ شيء عبر عنه إذا كان المجاز انما هو عبارة عن الحقائق ، لا زال لأهل الدين مفزعا وموئلا وللمشكلات مبينا وموضحا.
الجواب : قيل في نطق الجوارح [ وجوه ]
قال قوم إنّ الله يبنيها بنية حيّ لها آلة الكلام فتنطق.
والثاني إنّ الله تعالى يفعل فيها الكلام كما يفعله في الهواء وفعله في الشجر لمّا خاطب موسى ، وأضاف إلى الجارحة مجازا لما كان فيها.
والثالث إنّه يظهر منها أمارات تدلّه على ما فعله من المعاصي. ليفرق الملائكة بينهم وبين غيرهم كما قال ( يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ ) (١) وكما يقال : عيناك تشهد بتشهّدك قال الشاعر :
وقالت له العينان سمعا وطاعة.
وذلك مشهور من كلام العرب.
مسألة : عن قول ابن آدم المقتول لأخيه القاتل : ( إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ ) (٢) ما مراده باجتماع الإثمين : ؟.
الجواب : أراد بإثمي الذي فعلته من القتل وأضافه إلى المفعول به وإثمك الذي انفردت به من غير ذلك فإضافة إلى الفاعل ولا تنافي بينهما.
مسألة : عن قوله تعالى : ( خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ ) (٣) والعجل اعراض (٤) والأعراض لا يخلق منها الأجسام ، فما معنى ذلك؟
__________________
(١) سورة الرحمن ، الآية : ٤١.
(٢) سورة المائدة ، الآية : ٢٩.
(٣) سورة الأنبياء ، الآية : ٣٧.
(٤) والعجل عرض. ظ.