هذا مع أنّ الشيخ كان ذا فنون كثيرة ومشتغلا بعلوم أخرى سوى الرّجال حسب ما دريت بالإضافة إلى تصديه لمقام المرجعيّة العامة التي كانت بالطبع شاغلة لبعض وقته. وامّا النّجاشي فلا ندري مقدار حظّه من ذلك ومن إقبال العامة عليه والرئاسة له على الناس.
قال سليمان بن الحسن الصهرشتي في كتابه « قبس المصباح » : « أبو الحسين أحمد بن علي الكوفيّ النجاشي ، أخبرني ببغداد في آخر شهر ربيع الأوّل سنة ٤٤٢ ، وكان شيخا بهيا ثقة ، صدوق اللسان عند الموافق والمخالف. » (١) ونعلم من هذه العبارة مكانة النّجاشي عند الشيعة وأهل السنة ، ووجوده ببغداد في تلك السنّة أي في الوقت الذي يتوطّنها الشيخ الطوسي رئيسا معظما عالي الصوت مشهورا عند الخاص والعامّ. كما أنّ قول الصّهرشتي : « وكان شيخا بهيا » يعبر عن وضعه في ظاهر الحال.
وقد أتى النجاشيّ بشيء موجز عن حياته في كتاب الرّجال (٢) ، وكان جدّه الأعلى عبد الله النّجاشيّ والى « الأهواز » وله كتاب إلى الامام جعفر بن محمد الصادق عليهالسلام وجوابه عليهالسلام إليه مبسوط مشهور. والظاهر أنّ أحد تلامذة النّجاشي زاد في الكتاب بعد ترجمته قوله : « أطال الله بقاه وأدام علوه ونعماه » وكذلك زاد في أوّل الجزء الثاني من الكتاب قوله : « الشيخ الجليل أبو الحسين .. أطال الله بقاه وأدام علوه ونعماه ». (٣) كما أنّ ذكر تاريخ وفاة أبي يعلى الجعفري عام ٤٦٣ ه في الكتاب (٤) أي بعد وفاة النّجاشي ب ١٣ سنة لو صحّ فهو ملحق بالكتاب قطعا أو وقع فيه خلط حسب ما سبق منّا في الهامش.
وعلى كلّ فمعلوم لنا أنّ النّجاشي كان يقطن بغداد مع الشيخ الطوسي وكان موثوقا به عند أهل العلم من الفريقين ، مشهورا بصدق اللّسان. وأنّ العلماء المتأخّرين يعتبرون النّجاشي من مشايخ الإجازات وبعضهم قدموه على الشيخ في علم الرّجال لوجوه
__________________
(١) لاحظ خاتمة رجال النّجاشي حيث حكاه عن العلامة بحر العلوم في فوائده ، نقلا عن العلامة المجلسي في مزاره ، نقلا عن قبس المصباح لسليمان بن الحسن الصهرشتي. وكان هذا الرجل من تلامذة الشيخ الطوسي والنّجاشي وأبى يعلى الجعفري وأبى الفرج مظفّر بن علي بن حمدان القزويني ، وكلهم من تلامذة الشيخ المفيد البارزين ، راجع مقدمة بحار الأنوار ، للشيخ ميرزا عبد الرحيم الشيرازي رحمهالله ص ١٥.
(٢) رجال النّجاشي ص ٧٩.
(٣) رجال النّجاشي ص ١٥٧.
(٤) رجال النّجاشي ص ٣١٧.