ومن جهة اُخرى : قلنا إنّ الشرائط تختلف بينه وبينهم ، فإنّه لو قتل أحدهم كان آخر يقوم مقامه ، فإذا قتل الإمام المهدي فمن الذي يقوم مقامه ويملأ الأرض عدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً ، فخوفاً من قتله قبل ظهوره وجبت غيبته.
وأمّا الخوف المصرّح به في الروايات فلا يكون على نفسه كخوفنا على أنفسنا ؛ لأنّ الشهادة والقتل في سبيل الله هي إحدى الكرامات التي يفتخر بها الأئمّة عليهمالسلام ، والمهدي أيضاً سوف يستشهد في النهاية على ما قيل ، ولكن علينا أن نعرف ما هو سبب خوفه ؟
فنقول : إذا قُتل عليهالسلام قبل أن يظهر ، فإنّ الأرض ستخلو من الحجّة ، وهذا غير ممكن ، وستبقي أيضاً دولة الحقّ بدون قائدها ، وهو غير ممكن أيضاً.
روى الشيخ الطوسي بسنده عن ضريس الكناسي ، عن أبي خالد الكابلي ، قال : « سألت أبا جعفر عليهالسلام أن يسمّي القائم حتّى أعرفه ، فقال : يا أبا خالد ، سألتني عن أمر لو أنّ بني فاطمة عرفوه لحرصوا على أن يقطوه بضعة بضعة » (١).
وقال الصادق عليهالسلام لبعض أصحابه : « أمّا مولد موسى عليهالسلام ، فإنّ فرعون لمّا وقف على زوال ملكه على يده أمر إحضار الكهنة فدلّوا على نسبه ، وأنّه يكون من بني إسرائيل ، فلم يزل يأمر أصحابه بشقّ بطن الحوامل من نساء بني إسرائيل حتّى قتل في طلبه نيف وعشرون ألف مولود ، وتعذّر عليه الوصول إلى قتل موسى عليهالسلام بحفظ الله تعالى إياّه ، كذلك بنو اُميّة وبنو العّباس ، لمّا أن وقفوا على أنّ زوال مملكة الاُمراء والجبابرة منهم على يدي القائم ناصبونا للعداوة ، ووضعوا سيوفهم في قتل أهل بيت رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وإبادة نسله طمعاً منهم في الوصول إلى قتل القائم ،
_________________________
(١) كتاب الغيبة / الطوسي : ٢٠٢.