نور الوجود إلى غيرهم ، وببركتهم والاستشفاع بهم ، والتوسّل إليهم يظهر العلوم والمعارف على الخلق ، ويكشف البلايا عنهم ، فلولاهم لاستحقّ الخلق بقبائح أعمالهم أنواع العذاب ، كما قال تعالى : ( وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ) (١) ، ولقد جرّبنا مراراً لا نحصيها أنّ عند انغلاق الاُمور ، وإعضال المسائل ، والبعد عن جناب الحقّ تعالى ، وانسداد أبواب الفيض ، لما استشفعنا بهم وتوسّلنا بأنوارهم ، فبقدر ما يحصل الإرتباط المعنوي بهم في ذلك الوقت ، فتنكشف تلك الاُمور الصعبة ، وهذا معاين لمن أكحل الله عين قلبه بنور الإيمان ، وقد مضى توضيح ذلك في كتاب الإمامة.
الثاني : كما أنّ الشمس المحجوبة بالسحاب مع إنتفاع النّاس بها ينتظرون في كلّ آن إنكشاف السحاب عنها وظهورها ، ليكون إنتفاعهم بها أكثر ، فكذلك في أيّام غيبته عليهالسلام ، ينتظر المخلصون من شيعته خروجه وظهوره في كلّ وقت وزمان ، ولا ييأسون منه.
الثالث : أنّ منكر وجوده عليهالسلام مع وفور ظهور آثاره كمنكر وجود الشمس إذا غيّبها السحاب عن الأبصار.
الرابع : أنّ الشمس قد تكون غيبتها في السحاب أصلح للعباد من ظهورها لهم بغير حجاب ، فذلك غيبته عليهالسلام أصلح لهم في تلك الأزمان ، فلذا غاب عنهم.
الخامس : أنّ الناظر إلى الشمس لا يمكنه النظر إليها بارزة عن السحاب ، وربّما عمي بالنظر إليها لضعف الباصرة عن الإحاطة بها ، فكذلك شمس ذاته المقدّسة ربّما يكون ظهوره أضرّ لبصائرهم ، ويكون سبباً لعماهم عن الحقّ ، وتحتمل بصائرهم الإيمان به في غيبته ، ينظر الإنسان إلى الشمس من
_________________________
(١) الأنفال (٨) : ٣٣.