وتحرير أذهاننا من الأفكار المنحرفة ، وقلوبنا من الحقد والحسد وسائر الأمراض القلبيّة الاُخرى التي تسبّب الانحطاط حتّى يقال لنا : نحن منتظرون ، وإلاّ فلو بقيت هذه العيوب فينا فكيف يصدق علينا الإنتظار لحكومة أساسها الجهاد ضدّ هذه العيوب. وبالإضافة إلى ما سبق أن نفكّر بإصلاح المجتمع أيضاً ، وأن نكون مجدّين في ذلك حتّى نكون ممّن شملتهم هذه الآية الشريفة : ( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ) (١).
فتلخّص أنّ الإنتظار الذي يكون دين الأئمّة ، وأفضل العبادة ، وأحبّ الأعمال لا يلائم تفسير بعض النّاس البسطاء عنه ، حيث ظنّوا أنّ ترويج الباطل والفساد والفحشاء بين النّاس من مصاديق الإنتظار ، أو بالسكوت أمام الفتن والضلالات حتّى ينتشر الفساد والفحشاء ليظهر الحجّة عليهالسلام. فلا ريب أنّ التمسّك بهذه الآراء المنحرفة عن مفهوم الإنتظار ذنب لا يتسامح به.
قال الصادق عليهالسلام لأبي بصير : « يا أبا محمّد ، إنّ الميّت على هذه الأمر شهيد.
قلت : جعلت فداك ، وإن مات على فراشه ؟
قال : وإن مات على فراشه فإنّه حيّ يرزق » (٢).
فكيف يعدّ شهيداً من نشر الفحشاء والفساد في المجتمع بحجّة الإسراع بظهور المهدي ؟! وهل هذا إلاّ الجهل بأهدافه عليهالسلام ؟ وكيف يمكن لمن يتسامح في المنكرات أن يكون كمن قارع من النبيّ ؟! أو يكون أفضل من شهداء بدر واُحد ؟! وكيف يمكن لمن نشر الفساد والفحشاء أن يكون مصداقاً لمن قاتل في سبيل الله بسيفه ؟!
_________________________
(١) العصر (١٠٣) : ٣.
(٢) الشيعة والرجعة : ١ / ٤٣٢.