المنتظرون لظهوره ، أفضل أهل كلّ زمان؛ لأنّ الله تعالى ذكره أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ما صارت له الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة ، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآله بالسيف ، اُولئك المخلصون حقّاً ، وشيعتنا صدقاً ، والدعاة إلى دين الله سرّاً وجهراً » (١).
ولهذا إهتمّ أهل البيت عليهمالسلام غاية الإهتمام بمسألة الإنتظار ، وأصبحت هذه المسألة سبباً لهجوم الأعداء ، حتّى عرّفوه تارة بأنّه فكرة وليدة الخوف ، واُخرى بتفاسير ما يناسب ميولهم وآراءهم ، ومالوا إلى اليمين واليسار في مفهوم الإنتظار.
قال الاُستاذ مكارم الشيرازي موضّحاً لمفهوم الإنتظار وآثاره البنّاءه : « إنّ الجيش الذي ينتظر الجهاد من أجل الحريّة سيكون في حالة إستعداد كامل ، فيأتي بالسلاح المناسب ويصلح ما عنده من سلاح ، ويهيّأ المتاريس ، ويعدّ لهم ما استطاع من قوّة ، ويقوّي المعنويات.
فالجيش الذي لا يعيش في هذه الحالة ، ولا يكون بهذا الإستعداد ، لا يعدّ منتظراً للجهاد والدفاع عن الوطن ، فلو قال : أنا منتظر ، فهو كاذب » (٢).
وقال أيضاً : « إنّ الذين ينتظرون مصلحاً عالميّاً إنّما ينتظرون ثورة وتغييراً وتحوّلاً ، وهي من أوسع الثورات وأهمّها عبر التاريخ البشري على وجه الأرض » (٣).
فحقيقة الإنتظار إذن تتركّب من عنصرين : نفي وإثبات ، فالنفي يعني القضاء على العوامل والأسباب التي تؤدّي إلى الإختلاف والتفرقة والإثبات ، أي جعل عوامل التطوّر والرقيّ مكان العوامل السلبيّة. فعلينا بإصلاح أنفسنا ،
_________________________
(١) بحار الأنوار : ٥٢ / ١٢٢.
(٢) و (٣) كرّاس لدروس الاُستاذ حول علل ظهور المذاهب : ٤٧ و ٤٨.