وعلى أساس هذه الروايات ، فإنّ هذه النهضة العلميّة ، والجهاد الثقافي الكبير سيكون عند الغيبة ، ويستمرّ ذلك إلى ظهور القائم المهدي عليهالسلام ، فإنّ صوت الإسلام الأصيل الذي يكون حجر بناء الدولة الكريمة للمهدي ، سينطلق من قم ، ويقرع أسماع العالم حتّى ينتشر الإسلام في كلّ أنحاء العالم ، ولا نشكّ في يومنا هذا أنّ هذا الجهاد بدأ من المطالبة بالحقّ ، ثمّ حمل السيوف على العواتق ، وتأسيس الدولة الكريمة بقيادة الإمام الخميني قدسسره تمهيداً لدولة الإمام المهدي عليهالسلام.
قال الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام : « رجل من قم يدعو النّاس إلى الحقّ ، يجتمع معه قوم قلوبهم كزبر الحديد ، لا تزلّهم الرياح العواصف ، لا يملّون من الحرب ، ولا يجبنون ، وعلى الله يتوكّلون ، والعاقبة للمتّقين » (١).
وأخبر النبيّ صلىاللهعليهوآله عن هذه الدولة الممهّدة كما عن الحاكم في المستدرك على الصحيحين ، عن عبدالله بن مسعود ، قال : « أتينا رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فخرج إلينا مستبشراً يُعرف السرور في وجهه ، فما سألناه عن شيء إلاّ أخبرنا به ... حتّى مرّت فتية من بني هاشم فيهم الحسن والحسين ، فلمّا رآهم إلتزمهم وانهملت عيناه ...
فقلنا يا رسول الله ، ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه ! فقال : إنّا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا ، وأنّه سيلقى أهل بيتي من بعدي تطريداً وتشريداً في البلاد .. حتّى ترتفع رايات سود في المشرق فيسألون الحقّ فلا يعطونه ، ثمّ يسألونه فلا يعطونه ، ثمّ يسألونه فلا يعطونه ، فيقاتلون فينصرون .. فمن أدركه منكم ومن أعقابكم فليأت إمام أهل بيتي ولو حبواً على الثلج ، فإنّها رايات هدى يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي يواطئ إسمه اسمي ، وإسم أبيه إسم أبي ،
_________________________
(١) بحار الأنوار : ٦٠ / ٢١٦.