حث بقوله ( واركعوا مع الراكعين ) على صلاة الجماعة ، لتقدم الصلاة للمنفرد في أول الآية ، ويجئ بيانها في بابها.
( فصل )
وقال تعالى ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا ) (١).
قال الطبري : المراد ( لا تجهر بصلاتك ) يعنى صلاة النهار العجماء (٢) ( ولا تخافت بها ) يعني صلاة الليل التي يجهر بها في القراءة (٣). فالجهر في صلاة الغداة واجب ، وكذلك في الركعتين الأوليين من العشائين.
فأما صلاة النهار فهي عجماء كما ذكرناه ، يجب في الظهر والعصر جميعا المخافتة الا في الجمعة يوم الجمعة ، وفي الركعتين الأوليين من الظهر أيضا من يوم الجمعة ، فإنه يستحب الجهر فيهما.
وقيل : انه نهي من الله تعالى عن الجهر العظيم في حال الصلاة وعن المخافتة الشديدة ، وأمر بأن يتخذ بين ذلك طريقا وسطا ، فأقل الجهر أن تسمع من يليك ، وأكثر المخافتة أن تسمع نفسك. ولا مانع من الحمل على القولين لعمومه.
وعن ابن عباس : ان النبي عليهالسلام بمكة كان إذا صلى يجهر بصلاته على المأمور ، فسمع به المشركون فشتموه وآذوه وأرادوا أصحابه ، فأمره الله بترك الجهر.
وعن عائشة : المراد بالصلاة ههنا الدعاء ، أي لا تجهر بدعائك ولا تخافت به ولكن بين ذلك.
ويجوز أن يكون جميع ما ذكرناه مرادا ، لأنه لا مانع.
وقال قوم : هذا خطاب لكل واحد من المصلين ، والمعنى لا تجهر أيها
__________________
(١) سورة الإسراء : ١١٠.
(٢) عبر عنها بالعجماء لأنها لا تبين لاخفات الصوت فيها.
(٣) تفسير الطبري ١٥ / ١٢٥.