( فصل )
وقوله ( يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد ) (١) أمر منه تعالى للمكلفين بالاستتار في الصلاة وفى المساجد ، ففي الآية دلالة على أنه لا يجوز كشف الركبة أو الفخذ ولا السرة في شئ من المساجد فضلا عن كشف العورة فيها.
وقوله تعالى ( وإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم ) (٢) قيل أراد بالبيوت المساجد ، أي إذا دخلتموها فسلموا على من فيها من المؤمنين الذين هم بمنزلة أنفسكم ، وإذا دخلتموها ولم يكن فيها أحد فقولوا ( السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ). فهذا على الحقيقة والأول مجاز ، وكلاهما يجوز أن يكون مرادا.
وقوله تعالى ( وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين ) (٣).
أمرهم الله أن يصلوا في بيوتهم ويجعلوا في البيوت قبلة ، أي مصلى إذا كانوا خائفين ، وهذا رخصة. وكل ما يعلم صحة كونه في شريعة نبي ولا يعرف فيه نسخ ولم يرد فيه نهي ، فالأصل فيه أنه باق على حاله.
وعن ابن عباس : كان فرعون أمر بهدم مساجدهم وأمروا أن يصلوا في بيوتهم.
وقد تقدم في قوله ( وان المساجد لله ) أنه يمكن أن يستدل به على أنه ينبغي أن يجنب المساجد البيع والشراء وانشاد الشعر ورفع الأصوات وغير ذلك مما هو محظور أو مكروه ، ولذلك استدل قوم بهذه الآية على أنه يكره في المساجد.
__________________
(١) سورة الأعراف : ٣١.
(٢) سورة النور : ٦١.
(٣) سورة يونس : ٨٧.