ويمكن ان يستدل بها على وجوب التحمل ، وعلى وجوب الأداء على ما قدمناه ، وهي بوجوب الأداء أشبه ، فإنه تعالى سماهم شهداء ونهاهم عن الاباء إذا دعوا إليها ، وانما يسمى شاهدا بعد تحملها حقيقة.
وهو من فروض الكفايات إذا كان هناك خلق وقد عرفوا الحق وصاروا به شاهدين ، فإذا قام به اثنان سقط الفرض عن الباقين كالصلاة على الجنائز ، وقد يتعين الفرض فيه ، وهو إذا لم يتحمل الشهادة الا اثنان أو تحملها خلق ولم يبق منهم الا اثنان تعين عليهما الأداء ، كما لو لم يبق من قرابة الميت الا من يطيق الدفن ، فإنه يتعين الفرض عليه.
فإذا ثبت هذا فالكلام في بيان فرائض الأعيان والكفايات ، وجملته انه لافرق ولا فصل بين فرائض الأعيان والكفايات ابتداءا ، وان الفرض يتوجه على الكل في الابتداء ، لأنه إذا زالت الشمس توجهت صلاة الظهر على الكل ، وإذا مات في البلد ميت توجه فرض القيام به على الكل ، وانما يفترقان في الثاني ، وهو انما كان من فرائض الأعيان لا يتعين ، وفروض الكفاية إذا قام بها قوم سقط الفرض عن الباقين ، لان المقصود دفن الميت فإذا دفن لم يبق وجوب دفنه بعد أن دفن على أحد.
( فصل )
وكل عقد يقع من دون الاشهاد وإن كان فعلى سبيل الاحتياط ، الا الطلاق فإنه لا يقع الا بالاشهاد على ما نذكره في بابه ، مع أنه ليس بعقد. قال الله تعالى ( واشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة لله ) فعند أصحابنا ان الاشهاد شرط في وقوع الطلاق ، لان ظاهر الامر يقتضيه ، والامر على الايجاب.
وقال قوم : ان ذلك راجع إلى الرجعة ، وتقديره : وأشهدوا على الامساك ان أمسكتم ذوي عدل ، وهو الرجعة في قول ابن عباس. وقال الشافعي الاشهاد