( وان يريدوا خيانتك ) بنقض العهد ( فقد خانوا الله من قبل ) (١) بأن خرجوا إلى بدر وقاتلوا المسلمين مع المشركين فأمكن الله منهم بأن غلبوا وأسروا ، فان خانوا ثانيا فسيمكن الله منهم مثل ذلك.
وأما قوله تعالى ( ما كان لنبي أن يكون له أسرى (٢) ) فالمعنى ما كان لنبي أن يحتبس كافرا للفداء والمن حتى يثخن في الأرض. والاثخان في الأرض تغليظ الحال بكثرة القتال. ( تريدون عرض الدنيا ) أي الفداء ، سمي متاع الدنيا عرضا لقلة لبثه.
وهذه الآية نزلت في أسارى بدر قبل أن يكثر أهل الاسلام ، فلما كثر المسلمون قال تعالى ( فامامنا بعد واما فداءا ) (٣) ، وهو قول ابن عباس وقتادة.
فان قيل : كيف يكون القتل فيهم كان أصلح وقد أسلم منهم جماعة ، ومن علم الله من حاله أنه يصير مسلما يجب تبقيته.
قلنا : من يقول أن تبقيته واجبة ، يقول إن الله أراد أن يأمرهم بأخذ الفداء ، وانما عاتبهم على ذلك لأنهم بادروا إليه قبل أن يؤمروا به.
( فصل )
فان قيل : هل كان الجهاد واجبا على كل أهل الملة أم لا.
قلنا : الزجاج استدل بقوله تعالى ( ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة
__________________
(١) سورة الأنفال : ٧١.
(٢) سورة الأنفال : ٦٧.
(٣) سورة محمد : ٤.