فهو بعينه موجب لقصر الصلاة ، وإذا كان الله قد علق ذلك في الآية باسم السفر فلا شبهة في أن اسم السفر يتناول المسافة التي حددنا السفر بها ، فيجب أن يكون الحكم تابعا لها.
ولا يلزم على ذلك أدنى ما يقع عليه الاسم من فرسخ أو ميل ، لأن الظاهر يقتضي ذلك لو تركنا معه ، لكن الدليل والاجماع أسقطا اعتبار ذلك ولم يسقطاه فيما اعتبرناه من المسافة ، وهو داخل تحت الاسم.
وذكر الفضل بن شاذان النيسابوري أنه سمع الرضا عليهالسلام يقول : انما وجب التقصير في ثمانية فراسخ لأنها مسيرة يوم [ ولو لم يجب في مسيرة يوم ] (١) لما وجب في مسيرة ألف سنة ، وذلك أن كل يوم بعد هذا اليوم منها نظير هذا اليوم ، فلو لم يجب في هذا اليوم لما وجب في نظيره (٢).
( فصل )
فان قيل : القرآن يمنع مما ذكرتم من وجوب التقصير ، لأنه تعالى قال ( وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ان خفتم ) (٣) ورفع الجناح يدل على الإباحة لا على الوجوب.
قلنا : هذه الآية غير متناولة لقصر الصلاة في عدد الركعات ، وانما المستفاد منها التقصير في الافعال من الايماء وغيره ، لأنه تعالى علق القصر بالخوف ، ولا خلاف في أنه ليس الخوف من شرط القصر في عدد ركعات الصلاة وانما الخوف شرط في الوجه الاخر ، وهو التقصير في الافعال من الايماء وغيره في الصلاة ، لان صلاة الخوف قد أبيح فيها ما ليس مباحا مع الامن.
__________________
(١) الزيادة من ج والمصدر.
(٢) من لا يحضره الفقيه ١ / ٤٥٤ مع تغيير واختصار لبعض الألفاظ.
(٣) سورة النساء : ١٠١.