ولما تقدم في أول السورة تحريم الصيد على المحرم مجملا بين سبحانه ذلك ههنا فقال : ليختبرن الله تعالى طاعتكم من معصيتكم بشئ من الصيد ، أي بتحريم شئ من الصيد وبعض منه.
والذي تناله الأيدي فراخ الطير وصغار الوحش والبيض ، والذي تناله الرماح الكبار من الصيد ـ عن ابن عباس ، وهو المروي عن الصادق عليهالسلام (١).
وقيل : المراد به صيد الحرم ينال بالأيدي والرماح ، لأنه يأنس بالناس ولا ينفر منهم كما ينفر في الحل ، وذلك آية من آيات الله.
وقيل : المراد به ما قرب وما بعد من الصيد.
وجاء في التفسير أنه يعنى به حمام مكة ، وهي تفرخ في بيوت مكة في السقف وعلى الحيطان ، فربما كانت الفراخ بحيث تصل اليد إليها.
( فصل )
وبهذه الآية حرم الله صيد الحل على المحل وصيد الحرم على المحل والمحرم جميعا. وقال الزجاج : سن النبي عليهالسلام تحريم صيد الحرم على المحرم وغيره ، وهذا صحيح. وصيد غير الحرم يحرم على المحرم دون المحل. وقال أبو علي صيد الحر هو المحرم بهذه الآية ، ونحوه قول بعض المفسرين : ان الله عنى به كل صيد الحرم لأنه جعل الصيد آمنا بالحرم ، فهو لا ينقر من الناس نفاره إذا خرج من مكة ، وإذا بمكة أمكن قتله بالرمح وأخذه باليد ، فأمر الله أن لا يقتلوا هذا الصيد ولا يأخذوه ولا يؤذوه.
وقيل ( تناله أيديكم ) إشارة إلى صيد الحرم لأنه يكون آنس من غيره ، فيمكن تناوله باليد. وقوله ( ورماحكم ) إشارة إلى صيد غير الحرم للمحرم ، لأنه يمكنه اخذه بالرمح ، وهذا من الصيد الهام من الله بخلاف صيد آخر يكون في أرض أخرى
__________________
(١) تفسير البرهان ١ / ٥٠٢.