يقع عليهم غلط النسيان ، وأنتم مع هذا أقرب إلى أن تشكوا فيما يشهد به الشهود عليكم من الحق والأجل إذا كانا مكتوبين.
( فصل )
وقد ذكر الله سبحانه في أول هذه الآية قبل الامر بالاستشهاد النهي عن الامتناع من الكتابة ، قال ( ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله ) والنهي يقتضي تحريم الامتناع. وقال عامر الشعبي : هو فرض على الكفاية كالجهاد.
وجوز الجبائي أن يأخذ الكاتب والشاهد الأجرة على ذلك ، وعندنا لا يجوز ذلك للشاهد.
والورق الذي يكتب فيه على صاحب الدين دون من عليه الدين ، ويكون الكتاب في يده لأنه له. وقال السدي : ذلك واجب على الكاتب في حال فراغه.
وقال مجاهد هو واجب. وقال الضحاك نسخها قوله تعالى ( ولا يضار كاتب ولا شهيد ).
وقوله تعالى : ( أن يكتب كما علمه الله فليكتب ) يعني الكاتب ( وليملل الذي عليه الحق ) أمر لمن عليه الحق بالاملاء ( وليتق الله ربه ) معناه لا يملل الا الذي عليه الحق. والمراد بالامر الذي عليه الدين بالاملاء الندب دون الايجاب ، لأنه لو أملى غيره وأشهد هو كان جائزا بلا خلاف ولا ينقص منه شيئا. والبخس النقص ظلما ، ومنه قوله ( ولا تبخسوا الناس أشياءهم ) أي لا تنقصوهم ظالمين لهم.
والبخس فوق الغبن ، وفى هذا ايجاز وحذف ، لان المدين المملي ان أراد أن يحط في املائه من المال شيئا فان الدائن يمنعه ذلك ، وان تمكن من النقصان بوجه من الوجوه ـ اما بحيلة يحتالها واما بغباوة يكون من صاحب الدين ـ فلا يفعلن ذلك خشية من عقاب الله.
( ولا يأب كاتب ) ذكر بتنكير كاتب ، أي لا يمتنع أحد من الكتاب أن يكتب مثل ما علمه الله كتابهم. وقيل : هو كقوله ( وأحسن كما أحسن الله إليك ) أي ينفع