وفيها دلالة على أن الخطاب للأحرار ، لان العبد لا يملك البيع ، وعلى اختصاص الجمعة بمكان ، ولذلك أوجب السعي إليه.
فان قيل : هل يجوز أن يخطب رجل ويصلي آخر.
قلنا : لا ، وذلك أن السنة ثبتت بخلافة ، ولم يحفظ عن أحد من أئمة الاسلام أنه تفرد بالصلاة دون الخطبة ، فثبت أن فعل ما في السؤال بدعة ، واستدل من فحوى الآية بعضهم على ذلك.
والامام إذا عقد صلاة الجمعة بتكبيرة الاحرام ثم تفرق عنه الناس بعد دخولهم فيها معه ، تمم هو ركعتين ولم يصل أربعا الظهر ، فإنه عقدها جمعة عقدا صحيحا ، فلم ينقض ما عقده فعل من غيره لم يتعد إلى صلاته بالفساد ، ويدل عليه قوله ( وتركوك قائما ).
( فصل )
وقوله تعالى ( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض ) أي إذا صليتم الجمعة وفرغتم عنها تفرقوا في الأرض واطلبوا الرزق في الشراء والبيع ، وهذا إباحة ورخصة وليس بأمر ، بل رفع الحظر الذي أوقعه بقوله ( وذروا البيع ).
وقد أطبقوا على أن هذا الامر الوارد بعد الحظر [ يقتضى الإباحة ، والصحيح أن حكم لفظ الامر الواقع بعد الحظر ] (١) هو حكم أمر المبتدأ على الوجوب أو الندب أو الوقف على الحالين ، فهو كذلك بعد الحظر. وهذا قوي في الدلالة على وجوب هذه الصلاة على هذه الهيئة ، لأنها لو لم تجب لكان الانتشار مباحا قبل اتمامها ، ويدخل في الانتشار سائر التصرف ، خصوصا مع ذكر ابتغاء الفضل.
وقيل في قوله ( وابتغوا من فضل الله ) اي اطلبوا من فضله بعمل الطاعة
__________________
(١) الزيادة من ج.