( فصل )
ومن أحرم بالحج أو بالعمرة التي يتمتع بها إلى الحج في غير أشهر الحج ـ وهي شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة ـ لم ينعقد احرامه.
والحجة لنا ـ بعد الاجماع المكرر ـ قوله تعالى ( الحج أشهر معلومات ) ١ ، ومعنى ذلك وقت الحج أشهر معلومات ، لان الحج نفسه لا يكون أشهرا. والتوقيت في الشريعة يدل على اختصاص الموقت بذلك الوقت وانه لا يجزي الا في وقته.
فان تعلق المخالف بقوله ( يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج ) (٢) وان ظاهر ذلك يقتضي أن الشهور كلها متساوية في جواز الاحرام فيها.
الجواب : ان هذه الآية عامة نخصصها بقوله ( الحج أشهر معلومات ) ، ونحمل لفظ ( الأهلة ) على أشهر الحج خاصة.
على أن أبا حنيفة لا يمكنه التعلق بهذه الآية ، لان الله تعالى قال ( مواقيت للناس والحج ) ، والاحرام عنده ليس من الحج.
وقد أجاب بعض الشفعوية (٣) عن التعلق بهذه الآية بأن قال ( يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس ) أي لمنافعهم وتجاراتهم. ثم قال ( والحج ) فاقتضى ذلك أن يكون بعضها لهذا وبعضها لهذا ، وهكذا نقول. ويجري ذلك مجرى قولهم ( هذا المال لزيد وعمرو ) أن الظاهر يقتضى اشتراكهما فيه.
وهذا ليس بمعتمد ، لأن الظاهر من قوله ( للناس والحج ) يقتضي أن يكون
__________________
(١) سورة البقرة : ١٩٧.
(٢) سورة البقرة : ١٨٩.
(٣) يريد أصحاب الشافعي أحد أئمة المذاهب الأربعة عند السنة.