( ليعلم الله من يخافه بالغيب ) أي ليعلم ملائكة الله من يخافه غائبا ، لأنه تعالى عالم فيما لم يزل. ومعنى ( ليعلموا ) اي ليعرفوا قوما يخافون صيد الحرم في العلانية فلا يعترضون له على حال.
ثم قال ( فمن اعتدى بعد ذلك ) أي من تجاوز حد الله بمخالفة أمره وارتكاب نهيه بالصيد في الحرم وفى حال الاحرام ، فله عذاب النار في القيامة. ويجوز أن يكون غير ذلك من الآلام والعقوبات في الدنيا ، فقد قال ( لأعذبنه عذابا شديدا ) حكاية عن سليمان في حق الهدهد ولم يرد عذاب النار.
( باب )
( تفصيل ما يجب على هذا الاعتداء من الجزاء )
قال الله تعالى عقيب ذلك ( يا أيها الذين آمنوا الا تقتلوا الصيد ) (٢). اختلف في المعني بالصيد : فقيل هو كل الوحش أكل أو لم يؤكل ، وهو قول أهل العراق ، واستدلوا بقول علي عليهالسلام :
صيد الملوك أرانب وثعالب |
|
وإذا ركبت فصيدي الابطال |
وهو مذهبنا. وقيل هو كل ما يؤكل لحمه ، وهو قول الشافعي.
وقوله ( وأنتم حرم ) فيه ثلاثة أوجه : أحدها وأنتم محرمون بحج أو عمرة ، الثاني وأنتم في الحرم ، الثالث وأنتم في الشهر الحرام. ولا خلاف أن هذا ليس بمراد ، فالآية تدل على تحريم قتل الصيد في حال الاحرام بالحج أو العمرة سواء كان محرما بالعمرة أو بالحج أو لم يكن. وقال الرماني : تدل على تحريم قتل الصيد على المحرم بالحج أو العمرة. والأول أعم فائدة ، واختاره أكثر المفسرين.
__________________
(١) سورة النمل : ٢١.
(٢) سورة المائدة : ٩٥.