الفصل التاسع
( في صوم قضاء ما فات من شهر رمضان لعذر )
قال الله تعالى ( فعدة من أيام أخر ) (١).
وتقديره فمن كان منكم في سفر ـ يعني مسافرا ـ فليصم عدة من أيام أخر ، والامر على الايجاب في الشرع ، فلم أن قضاء ما يفوت من شهر رمضان لعذر واجب يجوز متتابعا ومتفرقا ، والتتابع أفضل ، وبه قال الشافعي ومالك ، وقال أهل العراق هو مخير.
وروي عبد خير قال : قلت لأبي الحسن أمير المؤمنين عليهالسلام : ان علي أياما من شهر رمضان أفيجوز أن أقضيها متفرقة؟ قال : اقضها ان شئت متتابعة وان شئت تترى. قال : فقلت ان بعضهم قال لا تجزي الا متتابعة. قال : بل تجزي تترى ، لأنه تعالى قال ( فعدة من أيام أخر ) ولو أرادها متتابعة لبين التتابع كما قال ( فصيام شهرين متتابعين ) في الكفارة.
وقال المرتضى : يخير أصحابنا للقاضي لصوم شهر رمضان إذا فاته بين التفريق والمتابعة ، ولي في ذلك تأمل ، والأقوى أن يلزمه متتابعا إذا لم يكن له عذر ، لان الواجبات عندنا هي على الفور شرعا دون التراخي ، والقول بتخييره في ذلك يدفع هذا الأصل ، فأما عند العذر فلا خلاف أنه يجوز التفريق.
ومعنى قوله ( تترى ) أي متواترة ، تقول العرب جاءت الخيل متتابعة إذا جاء بعضها في اثر بعض بلا فصل ، وجاءت متواترة إذا تلاحقت وبينها فصل ، والعامة يوهمون فيقولون للمتتابع متواتر.
وأما صيام النذر فإن كان الناذر نذر أن يصوم يوما بعينه في سفر أو حضر ثم
__________________
(١) سورة البقرة : ١٨٤.