وانما قال ( المتطهرين ) ولم يذكر المتطهرات لان المذكر والمؤنث إذا اجتمعا فالغلبة للمذكر ، كما قدمناه في قوله ( يا أيها الذين آمنوا ).
وقيل ( التوابين ) من الذنوب و ( المتطهرين ) بالماء.
ولو قلنا المراد به الرجال دون النساء ـ لان الخطاب بالامر والنهى معهم دونهن لقوله ( فاعتزلوا النساء في المحيض ) و ( لا تقربوهن ) ـ لكان أولى ولم يحتج إلى عذر.
ويستدل بهذه الآية أيضا على استحباب غسل التوبة ، وكذا على ما ذكرناه من أنهن لا يقربن الا بعد الاغتسال.
( باب احكام المياه )
قال الله تعالى ( وأنزلنا من السماء ماءا طهورا ) (١) ، أي طاهرا مطهرا مزيلا للاحداث والنجاسات مع طهارته في نفسه.
ووصف الله الماء بكونه طهورا مطلقا يدل على أن الطهورية صفة أصلية للماء ثابتة له قبل الاستعمال ، بخلاف قولهم ضارب وشاتم ومتكلم ، لأنه انما يوصف به بعد ضربه وشتمه وكلامه ، ولذلك لا يجوز إزالة النجاسة بمايع سوى الماء.
وكذا لا يجوز الوضوء به والغسل (٢) لأنه تعالى نقل الحكم من الماء المطلق إلى التيمم ، ومعناه أنه أوجب التيمم على من لم يجد الماء ، وهذا غير واجد للماء ، لان المايع ليس بماء لأنه لا يسمى ماءا.
وأيضا فقوله ( فتيمموا ) الفاء فيه يوجب التعقيب بلا خلاف.
ووجه الدلالة أن الله تعالى قال ( وأنزلنا من السماء ماء طهورا ) ، فأطلق
__________________
(١) سورة الفرقان : ٤٨.
(٢) أي بمايع سوى الماء.