فخاص ، فجئ بالعام ثم عطف عليه الخاص ايذانا بفضله كقوله ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ) (١).
( فصل )
وانما قال تعالى ( كنتم خير أمة ) (٢) ولم يقل أنتم خير أمة ، لأمور : أحدها ـ ان ذلك قد كان في الكتب المتقدمة ، فذكر كنتم لتقدم البشارة به ، ويكون التقدير كنتم خير أمة في الكتب الماضية وفى اللوح المحفوظ ، فحققوا ذلك بالافعال الجميلة.
الثاني ـ أنه بمنزلة قوله ( وكان الله غفورا رحيما ) ، لان مغفرته المستأنفة كالمغفرة الماضية في تحقق الوقوع لا محالة. وفي كان على هذا تأكيد وقوع الامر ، لأنه بمنزلة ما قد كان.
الثالث ـ كان تامة ، أي حدثتم خير أمة ، وخير أمة نصب على الحال ، قال مجاهد ومعناه كنتم خير أمة إذا فعلتم ما تضمنته الآية من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والعمل بما أوجبه.
فان قيل : لم يقال للحسن المعروف مع أن القبيح معروف أيضا انه قبيح ولا يطلق عليه اسم المعروف.
قلنا : لان القبيح بمنزلة ما لا يعرف لخموله وسقوطه ، والحسن بمنزلة النبيه الذي يعرف بجلالته وعلو قدره ، ويعرف أيضا بالملامسة الظاهرة والمشاهدة ، فأما القبح فلا يستحق هذه المنزلة.
وقال أهل التحقيق : نزلت هذه الآية فيمن هذه صفته من هذه الأمة ، وهم من
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٣٨.
(٢) سورة آل عمران : ١١٠.