الصلاة وآتوا الزكاة ) أمر بهذه اللفظة بواجباتها ونوافلها. والتكرار في الكلام لغير فائده غير مستحسن ، فيجب ان يكون قوله ( واركعوا مع الراكعين ) بعده دالا على صلاة الجماعة ، سواء كانت الجماعة واجبة أو مندوبا إليها ، فالامر يكون بالواجب مطلقا والندب مقيدا في الشرع. وقوله تعالى ( مع الراكعين ) دليل صريح لذلك.
والجماعة على أربعة اضرب : واجب ، ومستحب ، ومكروه ، ومحظور.
فالواجب لا يكون الا في الجمعة والعيدين إذا اجتمعت شرائطها على ما ذكرناه ، والمستحب هو الجماعة في الصلوات الخمس ، والمكروه صلاة الحاضر خلف المسافر فيما يقصر في السفر ، والمحظور هو الصلاة خلف الفاسق والفاجر.
وقد رغب الله في الجماعة وحث عليها بالآية التي تلوناها وبقوله ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ) ، فقد قيل إن الصلاة الوسطى كناية عن صلاة الجماعة لأنها أفضل الصلوات ، وكذلك خصها الله بالذكر.
وأقل ما تكون الجماعة اثنان فصاعدا ، ويتقدم للإمامة اقرأهم ثم أفقههم.
ولا تنعقد الجماعة الا بالاذان والإقامة.
( فصل )
وقوله تعالى ( ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين ) (١).
كان النبي صلىاللهعليهوآله يقول : ان الله وملائكته يصلون على الصف الأول ـ وفي رواية على الصف المقدم ـ فازدحم الناس. وكانت دور بني عذرة بعيدة عن المسجد فقالوا : نبيع دورنا ولنشترين دورا قريبة من المسجد حتى ندرك الصف المقدم ، فنزلت الآية ـ رواه الربيع بن انس (٢).
__________________
(١) سورة الحجر : ٢٤.
(٢) أسباب النزول للواحدي ص ١٨٦.