شهداء بالعدل لله ، يعنى دوموا على فعل العدل والحق ، وليكن ذلك منكم لله لا لأمر آخر.
وقال أبو مسلم : يجوز أن تكون الشهادة ههنا بمعنى الحضور ، فيكونوا مأمورين بإقامة الحق والعدل ، وتحضروا المواضع التي تحضرونها لذلك لا تدعونه في وقت ولاحال ، أي شاهدوا من شاهدتم بالحق دون غيره ولا تزولوا عنه أبدا.
وفى تغاير ترتيب الآيتين مع الاتفاق في الألفاظ خبيئة لطيفة فليتأملها يقف عليها إن شاء الله.
( باب )
( شهادة من خالف الاسلام )
ولما بين الله تعالى في آي كثيرة انه لا يجوز قبول شهادة من خالف الاسلام على المسلمين في حال الاختيار ، أجاز تعالى قبول شهادتهم في حال الضرورة في الوصية خاصة ، قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم ) (١) فاللذان منكم مسلمان واللذان من غيركم ذميان من أهل الكتاب.
وقد قرئ ( شهادة بينكم ) (٢) ، أي ليقيم شهادة بينكم اثنان ، كما أن من رفع فنون أولم ينون فهو على نحو من هذا ، أي مقيم شهادة بينكم أو شهادة بينكم ( اثنان ذوا عدل منكم ) أي ينبغي أن تكون الشهادة المعتمدة هكذا.
وقرئ ( ولا يكتم شهادة الله ) الله على الوجهين : فالقصر بالجر حذف منه حرف القسم ، وبالمد عوض منه همزة الاستفهام ، كأنه قال : القسم بالله انا إذا لمن
__________________
(١) سورة المائدة : ١٠٦.
(٢) بتنوين ( شهادة ).