وروى سليمان بن بريدة عن أبيه ان النبي صلىاللهعليهوآله كان يتوضأ لكل صلاة ، فلما كان عام الفتح صلى الصلوات بوضوء واحد ، فقال عمر : يا رسول الله صنعت شيئا ما كنت تصنعه. فقال : عمدا فعلته (١).
( فصل )
والآية تدل على جميع ما ذكرناه من الواجب والندب لغة ، وأقوى الأقوال ما حكيناه أولا من أن الفرض بالوضوء يتوجه إلى من أراد الصلاة وهو على غير طهر ، فأما من كان متطهرا فعليه ذلك استحبابا.
وقال الحسين بن علي المغربي : معنى ( إذا قمتم ) إذا عزمتم عليها وهممتم بها ، قال الراجز للرشيد :
ما قاسم دون الفتى ابن أمه |
|
وقد رضيناه فقم فسمه (٢) |
فقال : يا أعرابي ما رضيت أن تدعونا إلى عقدة الامر له قعودا حتى أمرتنا بالقيام فقال : قيام عزم لا قيام جسم.
وقال خزيم الهمداني :
فحدثت نفسي أنها أو خيالها |
|
أتانا عشاءا حين قمنا لنهجعا |
أي حين عزمنا للهجوع (٣).
وقال قوم : ان الله تعالى أنزل هذه الآية اعلاما للنبي صلىاللهعليهوآله انه لا وضوء عليه واجبا الا إذا قام إلى الصلاة وما يجري مجراها من العبادات ، لأنه كان إذا أحدث امتنع من الأعمال كلها حتى نزلت هذه الآية ، فأباح الله له بها أن يفعل ما بدا له من الأعمال بعد الحدث ، توضأ أو لم يتوضأ ، الا عمل الصلاة فإنه
__________________
(١) الدر المنثور ٢ / ٢٦١.
(٢) لسان العرب ( قوم ) وفيه ( دون مدى ) و ( فقد ).
(٣) التبيان ٣ / ٤٤٨.