أي إلى احياء امركم بجهاد عدوكم مع نصر الله إياكم ( واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه ) بالموت وبالجنون وزوال العقل فلا يمكنه استدراك ما فات.
ثم قال ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ) (١) عن ابن عباس أمر الله المؤمنين أن لا يقروا المنكر بين أظهرهم فيعمهم الله بالعذاب.
وقال تعالى ( ليسوا سواء من أهل الكتاب ) الآية ، عن ابن عباس نزلت هذه الآية لما أسلم عبد الله بن سلام وجماعة معه ، قالت أحبار اليهود : ما آمن بمحمد الا أشرارنا ، فأنزله الله إلى قوله ( وأولئك من الصالحين ) (٢).
وقوله ( ويؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) (٣) صفة قوله ( أمة قائمة ).
وليس طريق وجوبهما العقل ، وانما طريق وجوبهما السمع ، وعليه اجماع الأمة. وانما الواجب بالعقل كراهة المنكر فقط ، غير أنه إذا ثبت بالسمع وجوبه فعلينا إزالة المنكر بما يقدر عليه من الأمور الحسنة دون القبيحة ، لأنه لا يجوز إزالة قبيح بقبيح آخر.
وليس لنا أن نترك أحدا يعمل بالمعاصي إذا أمكننا منعه منها ، سواء كان المعصية من أفعال القلوب ـ مثل اظهار المذاهب الفاسدة ـ أو من أفعال الجوارح.
ثم ينظر فإن كان أمكننا ازالته بالقول فلا مزيد عليه وان لم يكن الا بالمنع من غير اضرار لم يزد على ذلك ، فإن لم يتم دفعه الا بالحرب فعلناه. وإن كان عند أكثر أصحابنا هذا الجنس موقوفا على اذن السلطان فيه.
وانكار المذاهب الفاسدة لا يكون الا بإقامة الحجج والبراهين والدعاء إلى
__________________
(١) سورة الأنفال : ٢٥.
(٢) سورة آل عمران : ١١٤.
(٣) سورة آل عمران : ١١٤.