يصلّي العصر بعد ذهاب قدر الخامسة ؛ إذ لا يزاحم القضاءُ الأداءَ في الوقت الذي لا يسع إلّا الأداء ، وهذا باطل إجماعاً ، ولأن النصّ والإجماع على أنه حينئذٍ يجب الفرضان أداءً ، ولأنه منافٍ لحكمه هو بأن مَنْ أدرك من الوقت ركعة وجب الفرض كلّه أداءً ، والظهر قد بقي من وقتها حينئذٍ ركعة ، مع أنه لا يحتمل على هذا أن تكون للظهر.
وإن أراد أنها للعصر بالأصالة دون قدر الخامسة ، منعنا أن قدر الأربع المحدودة بالغروب حين إدراك قدر الخمس للعصر بالأصالة ؛ لأنها لا تختصّ بالعصر إلّا إذا لم يبقَ إلّا قدرها ، مع أن فرض ذلك ينافي احتمال أنها للظهر ؛ إذ لو أهمل المكلّف حينئذٍ الظهر حتّى لم يبقَ إلّا أربع فات الظهر قطعاً بالنصّ والإجماع.
ولو احتمل أنها للظهر لاحتمل أنه يصلّي الظهر حينئذٍ ، وهو باطل ؛ لاختصاص العصر حينئذٍ بالأربع ، فلا يجوز إهمالها في وقتها المتضيّق على أنه لا يحتمل التكليف حينئذٍ بالفرضين أداءً والوقت لا يسع إلّا أحدهما.
وأيضاً ينافيه ظاهر عبارته في ( التحرير ) (١) ، فإن ظاهرها أن المراد بالأربع هي الأربع الأُولى التي يكون بينها وبين الغروب قدر ركعة فتأمّلها. فلا يحتمل أنها للظهر حينئذٍ ؛ إذ إدراك قدر الخامسة لا يصيّر ما اختصّ بالعصر بالنصّ والإجماع للظهر.
وإن أراد أن الأربع المحدودة بالغروب للعصر بالأصالة ، فإذا بقي قدر خمس زاحمتها الظهر في قدر ثلاث منها بسبب إدراك ركعة من وقتها ، فصار قدر الثلاث من أربع العصر بالأصالة وقتاً للظهر مع قدر الخامسة بالعرض ، كما جعل الشارع قدر الركعة قبل الغروب مع قدر ثلاث من وقت المغرب وقتاً للعصر ، لم يحتمل أن يكون الأربع بكمالها للظهر ولا قدر الثلاث الاولى منها وقتاً للعصر حينئذٍ ، فلا وجه للاحتمال.
وبالجملة ، إذا بقي قبل الغروب قدر خمس فالركعة التي يتعقّبها الغروب للعصر
__________________
(١) تحرير الأحكام ١ : ٢٧ ( حجريّ ).