الأوّل : أن يخلو عنها آخر الوقت بقدر الطهارة وأداء ركعة ، كما لو طهرت الحائض قبل المغرب فيلزمها العصر ، ولو طهرت قبله بمقدار الطهارة وخمس ركعات وجبت الظهر أيضاً ، والأربع في مقابلة الظهر لا العصر على إشكال ، وتظهر الفائدة في المغرب والعشاء ) (١) ، انتهى.
وأقول : كلامه رحمهالله لا يخلو من تشابه وغموض ، فإنه إن أراد بالأربع التي احتمل فيها أنها للظهر أو للعصر ، ورجّح أنها للعصر الأربع التي أوّلها استكمال شرائط وجوب الفرضين وآخرها ما يكون بينه وبين الغروب قدر ركعة ، لم ينطبق على استدلاله بأنها للعصر ، بأن الأربع وقت للعصر لو فاتت الخامسة ، فكذا معها ؛ لاستحالة صيرورة ما ليس بوقت وقتاً ، وبروايتي ابن فرقد : ، كما هو ظاهر ، فإن الدليلين لا ينطبقان إلّا على إرادة الأربع المحدودة بالغروب ، مع أنه أيضاً منافٍ لما ثبت بالنصّ والإجماع من أن الوقت مشترك بين الظهرين حتّى لا يبقى عن الغروب إلّا قدر أربع ، فحينئذٍ يخرج وقت الظهر وتختصّ العصر بالأربع ، فالنصّ والإجماع قائمان على أن قدر الاولى من الخمس من الوقت المشترك ، فلا يمكن احتمال أنها للعصر ، بل يتعيّن أنها للظهر ، فلا يحتمل أن هذه الأربع للعصر.
ومنافٍ أيضاً لما هو ظاهر النصّ وفتوى العصابة وعملهم في سائر الأزمان أنه متى أدرك قبل الغروب خمساً وجب الفرضان أداءً ، والظهر قبل العصر ، فلا يمكن أن يقال : إن هذه الأربع للعصر.
وإن أراد بها الأربع التي يحدّها الغروب ، وهي التي إذا لم يبقَ إلّا هي اختصّ بها العصر وخرج وقت الظهر ، فإن أراد بحكمه ( أنها حينئذٍ للعصر ) أنها حينئذٍ مختصّة بالعصر ، كما لو لم يبقَ إلّا هي ، فيخرج وقت الظهر بدخولها ، فهو باطل قطعاً ؛ لأنه يقتضي أن الظهر حينئذٍ تجب ولا تصلّى أداءً قبل العصر ، بل يجب قضاؤها بعد أن
__________________
(١) تحرير الأحكام ١ : ٢٧ ( حجريّ ).