عرفت ابتناء هذه المسألة على القول بأن الجميع أداء يعني : فيما لو لم يبقَ من الوقت إلّا قدر ركعة فإنه قال : إن تفريع أن الأربع للظهر وهو حقّ أو للعصر إنما يتأتّى على القول بأن الصلاة حينئذٍ أداءٌ كلّها قال رحمهالله في شرح هذه العبارة المنقولة هنا : وفي عبارة المصنّف تسامح ، فإن الأربع لا يتصوّر كونها للعصر ؛ لأن الركعة الأُولى للظهر قطعاً ) (١).
قلت : هذا صريح في أن الأربع التي فُرض فيها الاحتمال هي الأُولى التي يفصل بينها وبين الغروب قدر ركعة ، وقد عرفت ما فيه ، ووجه عدم إمكان كونها هي.
ثمّ قال : ( ولا يستقيم أن يريد بها الثلاث مع الركعة الأُولى تارة ، ومع الأخيرة أُخرى ؛ لأن مقتضى هذا التركيب كون الأربع التي يأتي فيها الاحتمالان واحدة ، إلّا أن يحمل على أن المراد الأربع من هذا المجموع ، فيكون المعنى حينئذٍ : وهل الأربع للظهر [ وللعصر (٢) ] واحدة أم بالعكس؟ ) (٣).
قلت : هذا الاحتمال الأخير إذا تأمّلته جيّداً رأيته لا يتمّ على القول بوجوب أداء الظهر حينئذٍ ، وإنما يتمّ لو قلنا : إنه يحتمل وجوب تقديم الظهر حينئذٍ أداءً كلّها. ويحتمل وجوب تقديم العصر كذلك ، فإن قلنا الأربع للظهر فالأوّل ، وإن قلنا للعصر فالثاني ، وهذا باطل ؛ إذ ظاهر فتوى العصابة تقديم الظهر أداءً كلّها ، أو قضاءً كلّها ، أو موزّعة ، كما هو الأمر في العصر لو لم يبقَ من الوقت إلّا قدر ركعة ، فإنها تقدّم على المغرب حينئذٍ بلا خلاف يظهر أداءً أو قضاءً أو بالتوزيع ، كما مرّ.
ثمّ قال رحمهالله : ( ولا بدّ في العبارة من تقدير شيء ، وهو مقدار الأربع من الوقت ؛ إذ الأربع للظهر قطعاً ، وهو الذي نواه المصلّي ) (٤).
قلت : هذا التقدير لا يُخرج العبارة من التشابه ، ولا يدفع شيئاً من الإيرادات المذكورة. نعم ، قطعه بأن الأربع للظهر يرفع احتمال أن قدرها من الوقت ، أو قدر
__________________
(١) جامع المقاصد ٢ : ٣١ ـ ٣٢.
(٢) من المصدر ، وفي النسختين : ( فللعصر ).
(٣) جامع المقاصد ٢ : ٣٢.
(٤) جامع المقاصد ٢ : ٣٢.